أحاديث عن العفو والتسامح صحيحة
أحاديث عن العفو والتسامح، كلاهما خلق نبوي كريم أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم به، وقد كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لها دور كبير في دخول كثير من الناس الإسلام خاصة العفو والتسامح.
الحديث الأول التسامح مع المسيء
عن أنس رضي الله عنه قال: (كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه (جذبه) بردائه جبذة شديدة، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء) رواه مسلم.
- وفي شرح هذا الحديث قال النووي أن فيه احتمال دفع الإساءة بالحسنى خاصة في التعامل مع الجاهلين الذين لا يحسنون التعامل الجيد مع الناس.
- وقد ظهر عفو النبي صلى الله عليه وسلم واضح في التعامل مع هذا الرجل خشن المعاملة.
- وقال ابن حجر أن فيه توضيح لحلم النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على الأذى الذي تعرض له والتجاوز عن هذا الرجل.
التسامح مع الكافر
عن أنس رضي الله عنه قال: (كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم.. فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: ذُبِحتْ شاة لابن عمرو في أهله، فقال: أهديتم لجارنا اليهوديّ؟ قالوا: لا، قال: ابعثوا إليه منها، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه) رواه البخاري.
- وفي هذا الحديث يظهر كيف كان يعامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب الذين كانوا يعيشون مع المسلمين في المدينة دون أن يعتدوا عليهم.
- فقد كان يعاملهم بكل تسامح وعفو، ويزور مرضاهم، ويحرص على ما فيه الخير لهم من دعوتهم إلى الإسلام، ويشفق عليهم من النار.
التسامح مع الخدم والعمال
- يقول أنس رضي الله عنه: (خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبَّني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته) رواه أحمد.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلَّا أن يجاهد في سبيل الله. وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتقم مِن صاحبه، إلا أن يُنْتَهك شيء مِن محارم الله، فينتقم لله عزَّ وجلَّ) رواه مسلم..
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة) رواه أبو داود وصححه الألباني.
- وهذه الأحاديث إنما تدل على تسامح النبى صلى الله عليه وسلم حتى مع خدمة، فمهما بلغ الخادم من الأدب لا بد وأن تأتي عليه أوقات يتجاوز فيها ولكن رغم ذلك كان النبي يعفو ويسامح عن أي تقصير، بل كان يوصى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بالتعامل بلطف وحسنى معهم.
سماحة البيع والشراء
قال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى ) رواه البخاري.
- السماحة هنا تعني السهولة سواء في البيع أو الشراء وكذلك عند طلب قضاء الحاجات أو الحقوق فالإنسان لا بد أن يكون سهلاً مع الناس لا يسبهم أو يشتمهم بحجة أنه ابن فلان.
- وقد قال ابن حجر في شرح هذا الحديث أن فيه دعوة لترك الضيق أو التضجر والتضييق على العاملين لقضاء الحقوق، ولا شك أن ما يحدث اليوم خاصة عند قضاء المصالح الحكومية ليست من سماحة النبي صلى الله عليه وسلم في شئ فإما نجد شخص يسب من يقضي له حاجته، أو نجد عامل يضيق على الناس قضاء حوائجهم.
العفو يعز صاحبه
وعن أبي هُريرة: أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ). رواه مسلم.
- فالتسامح من الأخلاق النبوية الشريفة التي ترفع صاحبها في الدرجات وتهبه العزة من الله وقد ربى النبي الصحابة على مكارم الأخلاق مثل العفو والحلم والعفو عن الظالمين.
- كثير من الناس كانوا يكرهون النبي صلى الله عليه وسلم كرهًا شديدًا لكن بمجرد الالتقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم يصبح أحب الناس إليهم على وجه الأرض.
- وذلك بسبب إحسانه وعفوه وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز أن لطفه هو سبب التفاف الناس حوله، ولو كان غليظ القلب فظ ما أحبه احد فصلوات الله على النبي الذي علمه وأدبه ربه.
التسامح ليس مطلق
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلَّا أن يجاهد في سبيل الله. وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتقم مِن صاحبه، إلا أن يُنْتَهك شيء مِن محارم الله، فينتقم لله عزَّ وجلَّ) رواه مسلم
- لا شك أن التسامح من الأخلاق المحمودة لكنه في بعض الأحيان لا ينفع العفو فيها حينما يترتب على العفو أمور غير محمودة مثل مثلاً القتال.
- حينما يقتل أحد أحد بدون وجه حق فلا بد من القصاص العادل وفق الشرع ولكن العفو في هذه الحالة مندوب وهو الأفضل.
- وفي بعض الحالات لا يجب معها العفو حينما يترتب عنها أمر محرم شرعًا.
- وقد قال الشنقيطي أن التسامح له مواضع يكون تطبيقه أحسن وهناك مواضع أخرى لا ينبغي معها العفو بل الأحسن الانتقام أو الغضب حسب الموقف والنبي صلى الله عليه وسلم.
- كان يغضب حينما تنتهك حرمات الله ولم يكن ينتقم لحق نفسه أبدًا.
- وفي شرح الحديث السابق قال ابن عثيمين رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يضرب خدمه ولا أحد من أجل حقوقه الخاصة.
- ولكنه كان يغضب لله، ولا يرضى أبدًا بانتهاك حرمات الله ولا يقر على ذلك، وهذا يحسن بالإنسان وولاة الأمر فالأفضل تطبيق شرع الله مهما كان.
- وقد قال الله في القرآن للنبي ” فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ”.الحجر:85، أي يجب أن تقابل السيئة بالحسنة لتنال من الله الثواب الأعظم، والصفح الجميل أي الصفح الخالي من الحقد والأذى سواء الأذى بالقول أو الفعل.
- أما الصفح الذي لا يكون جميل حينما يغلب الإنسان على أمره فيصبح لكن قلبه لا يخلو من الحزن والحقد، مثل العفو عن القتلى بحجة أنهم تحت السن القانوني وتزوير الشهادات وبلا شك فإن الصفح الذي لا يكون في موضعه يكثر من الجريمة في المجتمعات.
قدمنا لكم اليوم أحاديث عن العفو والتسامح صحيحة وسعدنا تلقي أي استفسار أحاديث عن العفو والتسامح من خلال التعليق أسفل المقال