ما حكم الصيام على جنابة
حكم الصيام على جنابة في الشريعة الإسلامية، أحد أكثر الموضوعات التي يسأل عنها المسلمين! نظراً لأهميتها الكبيرة في حياة الجميع. خاصةً في ظل وجود أكثر من رأي متعارض وسط العامة من الناس سواء الذي يقر بصحة هذا الصيام أو الذي يؤكد على عدم صحته، وفي مثل هذه الحالات؟ يكون الرجوع إلى أهل العلم هو الأمر الواجب على كل مسلم ومسلمة حتى يقطع الجدل ويعلم الحكم الصائب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
على الرغم من وجود أكثر من رأي وسط الكثير من المسلمين فيما يخص حكم الصيام على جنابة. إلا أن هذه المسألة قد حسمها رجال الدين بعدما أكد جمهور الفقهاء على صحة الصيام في حالة كان الإنسان جنباً، ولم يتطهر، وقد استند العلماء في حكمهم هذا على السنة النبوية الشريفة، التي ورد فيها العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تؤكد على صحة الصيام على جنابة، منهم الحديث الذي ترويه أم المؤمنين “السيدة عائشة بنت أبي بكر” -رضي الله عنهما-.
عن عائشة: «أن رجلاً قال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم.. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم.. فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي». رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
هل يجوز الصيام بدون طهارة
يمكن الإجابة على سؤال “هل يجوز الصيام بدون طهارة؟” من خلال الفقرة السابقة؟! التي ذكرنا فيها حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها-، التي توضح فيه؟ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان يصوم وهو جنب، وأتاح ذلك لسائر المسلمين؟ والدليل على ذلك، أنه لم يمنع ذلك عندما سأله الرجل. بل أنه -صلوات الله عليه وتسليمه-، أكد على جواز الصيام بدون طهارة.
ولكن يكون ذلك حتى يتمكن المرء من الاغتسال والتطهر، ومن الأفضل أن يغتسل الإنسان طالما يستطيع ذلك. خاصةً أن أداء الصلاة لا يجوز إلا بعد التطهر من الجنابة، وبالتالي فإن المكوث دون طهارة وقت حتى وإن كان الإنسان صائماً يحرمه من قضاء الصلوات، وهذا محرم. لأن الغسل من الجنابة واجب، ولكنه ليس واجباً وجوباً متراخياً؟! بمعنى أنه لا يجب أن يكون على الفور إلا أنه يصبح واجباً فورياً عند القيام إلى الصلاة.
ورد في الصحيحين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة، وهو جنب، فأنخنس منه، فذهب، فاغتسل، ثم جاء، فقال: “أين كنت يا أبا هريرة؟” قال: كنت جنبًا، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: “سبحان الله، إن المسلم لا ينجس».
حكم الصيام على جنابه عمداً في رمضان
قسم علماء الدين حكم الصيام على جنابة عمداً في رمضان إلى شقين، هما كالتالي:
- حكم الصيام على جنابه في رمضان: يصح الصيام في رمضان حتى وإن كان الإنسان جنباً ولم يغتسل، في حالة؟ كان قد جامع ليلاً ونام ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر أو احتلم أثناء نومه، واستدل أهل العلم على صحة هذا الصيام على الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة.
عن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كان يصبح جنباً من جماع ـ غير احتلام ـ ثم يصوم في رمضان». متفق عليه.
عن أم سلمة -رضي الله عنها-، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع ـ لا حلم ـ ثم لا يفطر ولا يقضي». رواه مسلم.
- حكم الصيام على الجنابة في نهار رمضان: يقول العلماء أنه في حالة نزل المني في نهار رمضان. إما عن طريق الجماع أو الاستمناء؛ فإن الصيام يبطل ولا يصح، ويجب على الإنسان قضاء هذا الصيام في يوم آخر عقب انتهاء الشهر الكريم، مع قضاء الكفارة التي اتفق عليها أهل العلم. هذا وقد حذر العلماء من فعل ذلك لأنه يدخل ضمن كبائر الذنوب.
حكم تأخير الغسل من الجنابة في رمضان إلى الظهر
أحاديث السيدة عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-، توضح أن؟ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان ينام على جنابة ليلاً، ثم يستيقظ ويصوم ولا يقضي، وعليه؟ فإن حكم تأخير الغسل من الجنابة في رمضان إلى الظهر جائز شرعاً. إلا أن المستحب هو الاغتسال طالما يستطيع الإنسان ذلك؟! حتى لا يتأخر عن أداء أي من الفروض الخمس خاصةً أن الصلاة تُجب الطهارة.
وفي حالة مارسا الزوجين الجماع في الليل من رمضان، وقبل طلوع الفجر، ولم يتمكن أحدهما أو كلاهما من الاغتسال قبل الفجر. فإنه يستحب له أن يتوضأ قبل نومه، وحين يستيقظ يغتسل ويتطهر حتى يصلي، وقد جاء في ذلك أكثر من حديث نبوي صحيح.
جاء في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل، أو ينام، وهو جنب، توضأ».
جاء في الصحيحين، «أن عمر استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: “نعم، إذا توضأ».
وأخرج أبو داود، عن غضيف بن الحارث، قال: «قلت لعائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل قبل أن ينام؟ وينام قبل أن يغتسل؟ قالت: نعم. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة».
هل يجوز الصيام على جنابة في يوم عرفة
يطبق حكم الصيام على جنابة سواء كان في صيام الفرض أو في صيام النوافل، والتي من بينها يوم عرفة. لذلك فإن الإجابة على سؤال هل يجوز الصيام على جنابة يوم عرفة؟
“نعم يجوز ذلك”.
صحة حديث “من أصبح جنباً فلا صوم له”
وقع خلاف بين السلف بسبب الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي يقول فيه:
«من أصبح جنباً فلا صوم له».
وهذا الحديث صحيح ولا يوجد خلاف على صحته إلا أن جمهور الفقهاء قد استندوا على صحة الصيام على جنابة، على:
- صحة أحاديث السيدة عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما-: واكدا فيه على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كان ينام على جنابة ثم يصبح ويغتسل، وفي علم الحديث رواية اثنين مقدمة على واحد. لذلك يؤخذ بأحاديث أمهات المسلمين عن أبي هريرة في هذه المسألة.
- رجح بعض العلماء أن هذا الحديث منسوخ.
- ان أبي هريرة -رضي الله عنه-، كان يقصد الأكمل والأفضل: وهو الاغتسال قبل الفجر والصيام على طهارة.
- وجود رواية أخرى لأبي هريرة يرجع فيها عما قاله وفتا به: كما ورد في الحديث الشريف المتفق عليه.
روى البخاري (1926)، ومسلم (1109) «أن أبا هريرة -رضي الله عنه- كان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدركه الفجر جنباً فلا يصم).. فبلغه قول عائشة وأم سلمة السابق؛ فقال لمن أخبره : ” أهما قالتاه لك؟ قال: نعم، قال: هما أعلم ، ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس، فقال أبو هريرة : سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر بن عبد الرحمن (الراوي عن أبي هريرة) : فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك» .
صحة حديث “الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب”
من أكثر الأسباب التي جعلت البعض يفتي بعدم صحة الصيام على جنابة، هو الحديث المتداول بين الناس الذي يقول:
«لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا جنب».
وقد اتفق أهل الحديث على عدم صحة هذا الحديث وضعفه، والدليل على ذلك وجود أكثر من حديث صحيح يؤكد على أن أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، كان ينام جنباً، ثم يصبح فيغتسل ويصلي، وقال جمهور الفقهاء: أنه كانت الجنابة تمنع دخول الملائكة إلى البيت، ما كان فعلها رسولنا الكريم ونام عليها دون اغتسال.
وأهم ما يجب توضيحه أن هذا الحديث قد ورد بأكثر من لفظ. هذا وقد صحت الأحاديث التي تتحدث عن عدم دخول الملائكة بيتاً فيه كلباً، وهي أحاديث متفق عليها. لذلك يقول الفقهاء أن الجزء الأول من هذا الحديث صحيح على عكس الجزء الأخير منه. إلا أن الحديث كاملاً ضعيف ولا يؤخذ به.
ختاماً؛ نرجو أن نكون قد تمكنا من توضيح كافة الأمور المتعلقة بحكم الصيام على الجنابة. وفقاً لما ورد في السنة النبوية الشريفة، والمتفق عليه بين جمهور العلماء، وفي حالة كان هناك أي استفسار آخر حول هذه المسألة؛ يمكن للسائل أن يترك هذا الاستفسار أدنى هذا التقرير حتى نجيب عليه ونوضحه له، بناء على أحكام الشريعة الإسلامية الصحيحة.