عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة والقبر
يقال أن علماء الدين الإسلامي عندما تحدثوا عن عقوبة تارك الصلاة، كانت الحديث مجازياً! لأنهم لم يتوقعوا أن يتواجد مسلم يؤمن حقاً بالله ورسوله الكريم، لا يصلي. خاصة أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الدين الإسلامي بعد الشهادتين، وهي عماد الدين. التي بدونها لا يصح إسلام المرء.
بل أنها هي الحد الفاصل بين الكفر والإيمان! وهي أول العبادات المفروضة على المسلمين قبل الصيام والزكاة والحج، وهو ما يدل على أهميتها في الدين الحنيف, كما أنه يدل على العقوبة العظيمة التي تنتظر تاركها سواء كان في الدنيا أو في الآخرة.
عقوبة تارك الصلاة شرعاً
اتفق الفقهاء في الشريعة الإسلامية على أن ترك الصلاة من الكبائر العظمى التي يعاقب عليها المسلم في حياته الدنيا وفي الآخرة, كما أنهم اتفقوا على الصلاة هي الحد الفاصل بين المؤمن والكافر، وبالتالي: يكون تاركها كفاراً، وعليه يجب قتله لاعتباره مرتداً! مستندين في ذلك على النصوص الواردة في كلِِ من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. إلا أنهم قد اختلفوا في عقوبة تارك الصلاة شرعاً؟ بناء على السبب الذي تركها من أجله، وقد قسموا ذلك إلى رأيين، هما كالتالي:
- تارك الصلاة عمداً.
- تارك الصلاة سهواً أو تكاسلاً.
وعلى الرغم من صعوبة العقوبة إلا أن الدين الإسلامي، قد أباح القتل في عدد من المواضع. طالما يفعله ولي الأمر, كما في حالة تارك الصلاة، وهو ما يعرف باسم عقوبة التعزير بالقتل، والذي يمكنكم التعرف عليه بالتفصيل، من خلال الرجوع إلى “هنا” حيث توضح هذه المقالة عقوبة التعزير كاملة ومتى يتم التعزير بالقتل.
التفصيل في حكم تارك الصلاة
قال الأئمة الأربعة وكبار العلماء في الدين الإسلامي، أن المسلم الذي يترك الصلاة “المقصود هنا الفروض الخمس وليس النوافل”، يكون كافراً خارج عن الملة، ويجب قتله. إلا أن الاختلاف بينهم قد جاء في التفصيل في حكم تارك الصلاة، وما إن كان تركها عمداً أي كفراً بها وإنكاراً لها أم تركها تكاسلاً منه مثلها مثل ذنوب أخرى يفعلها المرء، ليس تحدياً للمولى -عز وجل-. إنما زلات النفس التي يقع بها كل بني البشر، وعليه انقسمت الآراء إلى قولين:
- من تركها عمداً: اتفق جميع العلماء بالإجماع، ودون خلاف في رأيهم على أن مَن يترك الصلاة جحوداً بها وعدم إيمان على أنها من الفروض الأساسية في الدين الإسلامي. فإنه يعتبر كافراً مرتد عن الملة. إلا أنه يترك ثلاث أيام يستتاب فيها، بمعنى أنه إن عاد وتاب على فعلته وأقر بالصلاة وأنها من الفروض، لا يجب تركها. فإنه يترك بينما إن أصر على تركها، فإنه يعامل معاملة المرتد، ويتم قتله.
- من تركها تكاسلاً: على الرغم من وجود بعض الآراء التي تفتي، بأن حكم تارك الصلاة لا يختلف من كونه عمداً أو تغافلاً منه، وأنه يقتل كالمرتد. إلا أن الرأي المرجح والمتفق عليه بين جمهور الفقهاء، أن الذي يترك دون العمد مع إيمانه الكامل بأنها فرضاً عليه، وأنه سوف يحاسب عليها من الخالق -سبحانه وتعالى-، ولكنه يتركها تكاسلاً منه مثل بعض الذنوب التي يرتكبها الإنسان سهواً دون عمد.
فإنه في هذه الحالة يكون لديه ثلاثة أيام يستتاب فيها مثله مثل تاركها عمداً، وبعدها إن تاب. فإن جزائه عند الله على ما تركه إن لم يعوض ما فاته من الفروض.
أما إن ظل لا يصلي، فإنه في هذه الحالة يعد كافراً أيضاً مثله مثل التارك العمد، ويتم قتله. إلا أن الفارق بينه وبين الذي يترك الصلاة جوحداً منه، أن قتله في هذه الحالة يعتبر حداً، مثل الكثير من الحدود في الشريعة الإسلامية على بعض الكبائر مثل الرجم عند الزنا وغيرها. وليس قتل الخروج عن الملة والكفر.
عقوبة تارك الصلاة للأطفال
.أول ما يتعرف به الأطفال على الدين الإسلامي، هو الأركان الخمسة التي عليها يبنى هذا الدين العظيم. إلا أنه في ظل حرص الأباء والمناهج المدرسية على تعريف الأطفال في سن صغير على هذه الأركان، يجب أن نوضح أهمية الصلاة، ليس كأحد الأركان فقط. إنما لأهميتها العظيمة في حياة الإنسان، وكونها أول الفروض التي طبقها الخالق على عباده؛ فنجد أن المولى -عز وجل-، يقول في كتابه العزيز: (… إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). لذلك يجب أن نوضح عقوبة تارك الصلاة للأطفال، إن تركها المرء متعمداً في عدة نقاط, كما يلي:
- يترك ثلاثة أيام من أجل التوبة، والعودة للالتزام بالصلاة.
- إن عاد والتزم بالصلاة يتم تركه، ولا يوقع عليه أي عقوبة.
- إن استمر على ترك الصلاة يعتبر كافراً، ومرتد عن الدين الإسلامي.
- لا يلقى عليه السلام أو يرد عليه حتى يطبق شرع الله فيه.
- يتم قتله لردته عن الدين الإسلامي.
- لا يصلى عليه صلاة الجنازة.
- لا يدفن في مقابر المسلمين.
- عدم إلقاء السلام عليه عند موته، مثلما يفعل المسلمون عند دخول مقابر المسلمين.
- لا يترحم عليه ولا يجوز الاستغفار له والدعاء له.
- لا يرث إن كان حياً، وعند موته لا يجوز أن يورث ماله. بل أنه يصبح حقاً لبيت مال المسلمين أو الدولة في العصر الحالي.
حد تارك الصلاة للأطفال
قبل أن نوضح حد تارك الصلاة للأطفال يجب أولاً، أن نوضح معنى الحد للأطفال حتى يكونوا على دراية بالفرق بينها وبين العقوبة السابق ذكرها، واختصاراً. فإن معنى الحد في الفقه، هو: العقوبة التي تقام على الإنسان من أجل حق الله بسبب ذنب ارتكبه الإنسان يخالف تعاليم الشريعة، والمقصود من إقامة الحد على تارك الصلاة؟ أن المسلم يكون قد تركها كسلاً منه أو سهواً، ولكن ليس عمداً، وعليه:
- إعطائه فرصة ثلاثة أيام حتى يتوب، ويعود إلى الصلاة.
- إن عاد وصلى، عليه أن يصلي ما فاته من الصلوات ولا يعاقب.
- إن استمر على تركها، فإنه في هذه الحالة يقتل حداً، وليس قتل المرتد.
- يصلى عليه صلاة الجنازة.
- يدفن في مقابر المسلمين.
- يسلم عليه مثله مثل باقي المسلمين.
- الاستغفار له والترحم عليه والدعاء بأن يغفر الله له ذنبه.
- يرث إن كان حياً، ويورث ماله إن مات وحتى إن أقيم عليه حد القتل.
عقوبة تارك الصلاة بالدنيا والآخرة
يوجد الكثير من المسلمين الذي لا يأدون صلاتهم. إما تعمداً منهم بتركها وجحوداً عليها وإما تكاسلاً منهم مع إقراره بوجوبها. إلا أن رجال الدين ومَن لهم حق تطبيق حدود الله في الأرض لا يعلمون بعدم صلاتهم، وبالتالي لا يعاقبون على تركهم لها، وعلى الرغم من ذلك فإن الحي القيوم -سبحانه وتعالى- لا يغفل ولا ينام، ويعلم بجميع أحوال عباده جميعاً، ويعلم ما إن كانوا يؤدون الفروض التي عليهم أم لا. لذلك ليس غريب أن يحاسب المرء على تركه لهذا الفرض وأن تتواجد عليه عقوبة تارك الصلاة بالدنيا والآخرة.
- عقوبة تارك الصلاة في الدنيا.
- لا يبارك الله له في حياته أو في عمره.
- ينزع الله بركته وحفظه له؛ فيصبح معرضاً للازمات دائماً وشرور الحياة المختلفة.
- يشعر بالضيق والحزن دائماً؛ لِقوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).
- تتعثر له أمور حياته المختلفة، ويقل رزقه.
- لا يرفع له دعاء ولا يستجاب له.
- يمقته الناس لأن الله يرفع حبه عنهم.
- يكون قريب من طريق الشيطان، ويقبل على فعل المعاصي والفواحش التي حرمها الله! لأن الصلاة تنهى عن ذلك, كما قال المولى -عز وجل-، في كتابه العزيز:
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ). [العنكبوت: 45].
- عقوبة تارك الصلاة في الآخرة.
- يبتعد تدريجياً عن ربه، فتقل علاقته به.
- يقترب من دخول النار، ويبعد عن الجنة ونعيمها.
- ينزع الله منه صفات عباده الصالحين، الذين يكونوا في رعايته وحفظه في الحياة الدنيا ويدخلون جناته في الآخرة.
- لا ينال شفاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، لأن الرسول لا يشفع سوى للمؤمنين الذين اتبعوا ما أمر به الله -سبحانه وتعالى-.
- سوء الخاتمة.
- إن مات وكان لا يصلي، يكون من الكفار ومأواه نار جهنم خالد مخلد فيها.
عقوبة تارك الصلاة بالصور
أحد الطرق الهامة التي تيسر الفهم لدى الأطفال في سن صغير، هي الصور التي يحتفظون بها. مما يسهل عليهم فهم وحفظ ما هو مكتوب عليها. لذلك قد تكون عقوبة تارك الصلاة بالصور هي أحد الطرق التي قد تجعل الأطفال يفهمون جيداً أهمية الصلاة لدى المسلمين وضرورة الحفاظ عليها حتى لا يتعرضون إلى هذا العقاب.
عقوبة تارك الصلاة في القرآن
ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدعو إلى الحفاظ على الصلوات الخمس، وأنها من الفروض التي لا يجب على أي مسلم تركها، ومثلما ذكر المولى -عز وجل-، في كتابه العزيز الآيات التي تحث على الصلاة. فإنه -سبحانه وتعالى- قد ذكر عقوبة تارك الصلاة في القرآن، والتي توضح أن آراء العلماء. بأن عقوبة تارك الصلاة هي تركه ثلاث أيام حتى يتوب بها. فإن أصر على تركها تنفذ فيه عقوبة القتل، وهي العقوبة التي فرضها الله من فوق سبع سموات على عباده، بِجانب العقاب في الدنيا والآخرة إن لم ينفذ عقاب القتل عليه.
(فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). [التوبة: 5].
(فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [التوبة: 11].
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا). [مريم: 60،59].
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ*۞ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ* وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). [البقرة: 46:43].
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا). [النساء: 142].
(فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ). [الماعون: 5،4].
عقوبة تارك الصلاة في السنة
كان من أسباب تواجد السنة النبوية الشريفة، أنها جاءت مفصلة لما ورد في القرآن الكريم إجمالاً. لذلك نجد أن عقوبة تارك الصلاة في السنة قد جاءت مباشرة على عكس الآيات القرآنية التي تم القياس عليها من قِبل المفسرين، بحيث نجد أن رسول الله -صلوات الله عليه وسلم-.
قد صرح بكفر من يترك الصلاة في أكثر من حديث نبوي صحيح, كما أنه -صلوات الله عليه وسلم-. قد وضح أن القتل هي عقوبة من يترك ما أمر الله به من فروض مثل الصلاة.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن بين الرجل وبين الكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة». أخرجه مسلم.
عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه رضي الله عنه-، قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها، فقد كفر». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي -وقال: حسن صحيح-، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله».
جاء في حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال : «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ، قيل يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال : (لا ما أقاموا فيكم الصلاة)».
عقوبة تارك الصلاة في الأثر
لم يقتصر النهي عن ترك الصلاة على كلِِ من الكتاب والسنة فقط. بل أن صحابة رسول الله -رضوان الله عليهم أجمعين-، قد ذكروا عدة أحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم، والتي من خلالها تعرفنا على عقوبة تارك الصلاة في الأثر سواء كان في الحياة الدنيا أو في الآخرة.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة».
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: «من ترك الصلاة، فقد كفر». رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري في الترغيب والترهيب.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «من لم يصلِّ، فهو كافر». رواه ابن عبد البر في التمهيد، والمنذري في الترغيب والترهيب.
قال عبد الله بن شقيق: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئًا تركه كفر، إلا الصلاة».
روى ابن أبي حاتم في سننه، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-. قال : «أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تشركوا بالله شيئا ولا تتركوا الصلاة عمدا فمن تركها عمدا متعمدا فقد خرج من الملة)».
عقوبة تارك الصلاة في القبر
جاء في سن خاتم المرسلين -صلوات الله عليه وتسليمه-، عقوبة تارك الصلاة في القبر، فقد جاء في أحد الأحاديث النبوية الطويلة، أهمية الصلاة ليس في الدنيا والآخرة فقط. بل في قبر الإنسان عندما يموت مباشرةً، وقبل يوم القيامة.
ففي صحيح ابن حبان وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه. فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل ……….
……… قال: وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شيء ثم أتي عن يمينه فلا يوجد شيء ثم أتي عن شماله فلا يوجد شيء ثم أتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء، فيقال له: اجلس فيجلس خائفاً مرعوباً، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد به عليه؟ فيقول أي رجل؟! فيقال الذي كان فيكم فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له محمد. فيقول ما أدري سمعت الناس قالوا قولاً فقلت كما قال الناس.
فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له: هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسرة وثبوراً، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة. فيقال له: ذلك مقعدك من الجنة وما أعد الله لك فيها لو أطعته. فيزداد حسرة وثبوراً ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه. فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله: (فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)». وحسنه الشيخ الألباني.
هذا ويمكنكم التعرف على الحديث كاملاً، من “هنا”.
عقوبة تارك الصلاة يوم القيامة
يقول الرحمن -سبحانه وتعالى-، في الكتاب العظيم: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ. إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ). أي أن الصلاة من صفات عباد الله الصالحين، والذين سوف يجزون عليها يوم القيامة يدخلون الجنة خالدين مخلدين فيها. لذلك نجد أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، أوضحوا عقوبة تارك الصلاة يوم القيامة، والحساب العسير الذي ينتظر تاركها.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر». رواه الترمذي، وحسنه، وأبو داود، والنسائي.
رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد، فتوضأ، فقال: إني سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل». صحيح البخاري (36).
خاف من زياد -أو ابن زياد- فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة، قال: فنسبني فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدثك حديثا؟ قال: قلت: بلى رحمك الله -قال يونس: وأحسبه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا عز وجل لملائكته -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه. ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم». تخريج سنن ابن داود (864).
(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا). [الفتح: 29].
عقوبة تارك الصلاة يوتيوب
نظراً لأهمية الصلاة وضرورة الحفاظ عليها، والحساب العسير الذي ينتظر تاركها في حياته الدنيا، وفي الآخرة. فإننا نجد أن عقوبة تارك الصلاة يوتيوب من أكثر الفيديوهات المنتشرة، والتي تحدث عنها أكثر من شيخ وعالم في الدين الإسلامي، ومن بين هؤلاء الشيخ؟ الشيخ محمد حسان الذي وضحها بأسلوب سلس جميل، والذي يمكنكم الاستماع إليه من، “هنا”.
حكم تارك الصلاة ابن القيم
لم يختلف حكم تارك الصلاة ابن القيم مع الآراء الأخرى التي قالت بتكفير المسلم الذي يترك الصلاة مع وجوب قتله. إلا أن الإمام ابن القيم -رحمه الله- قد حرص على توضيح العقوبة التي سوف ينالها من يترك الصلاة ويراها في حياته ويشعر بها حتى وإن لم يعلم أحد أنه لا يصلي. هذا بِجانب العقوبة التي تنتظره في الآخرة بعد موته.
قال الإمام ابن القيم: «ترك الصلاة من المعاصي العظيمة، ومن عقوبات المعاصي: أنها تنسي العبد نفسه. فإذا نسي نفسه، أهملها، وأفسدها».
وقال أيضًا: ومن عقوباتها: (أنها تزيل النعم الحاضرة، وتقطع النعم الواصلة، فتزيل الحاصل، وتمنع الواصل، فإن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته).
من عقوبة المعاصي أيضًا: (سقوط الجاه، والمنزلة، والكرامة عند الله، وعند خلقه. فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة، أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد، تكون له منزلة عنده، فإذا عصاه، وخالف أمره، سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده).
من العقوبات التي تلحق تارك الصلاة: (سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك! لعموم قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}. وينظر كلامه -رحمه الله- في كتابه: الداء والدواء).
حكم تارك الصلاة عند الحنفية
قبل أن نوضح حكم تارك الصلاة عند الحنفية. يجب أولاً أن نشير إلى أن الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء. قد اتفقوا على أن من يترك الصلاة جحوداً بها وإنكاراً لها. فإنه كافر وخارج عن الملة ويجب قتله، وهو ما وضحته الأحاديث النبوية الشريفة. أما الاختلاف في الآراء بين الأئمة الأربعة. قد جاء بينهم، فيما بخص مَن يترك الصلاة تكاسلاً أو إنشغالاً منه بالأمور الدنيوية المختلفة. لذلك نرى أن الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- وأصحابه يرون أن عقوبة تارك الصلاة تكاسلاً منه، يسجن حتى يلتزم في الصلاة، ولكنه لا يقتل حتى إن كان قتله حداً.
حكم تارك الصلاة عند المالكية
جاء حكم تارك الصلاة عند المالكية متفقاً مع أصحاب المذهب الشافعي، حيث يرى الإمام أنس بن مالك والإمام الشافعي -رحمهما الله- وأصحابهم، أنه يقتل حداً لا كفراً. أي أنه لا يكون مثل الذي يتم قتله بسبب إنكاره للصلاة بل عقاباً له على فعله أحد المعاصي الكبرى.
حكم تارك الصلاة عند الحنابلة
لم يختلف حكم تارك الصلاة عند الحنابلة سواء كان قد تركها عامداً متعمداً أو كسلاً أو إنشغالاً منه. حيث يرى الإمام أحمد بن حنبل، ومعه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله-، أن تارك الصلاة يهدر دمه، ويجب قتله كفراً وليس حداً. هذا وقد أتفق مع هذا الرأي أصحابه والجمهور من أهل العلم! مستندين في ذلك لى ما ورد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. من أحاديث نبوية قالت بتكفير من يترك الصلاة.
عقوبة تارك صلاة الفجر
على الرغم من ان الصلوات الخمس دون استثناء فضلها عظيم وعقوبة تركها كبيرة. إلا أن صلاة الفجر لها قدر خاص ومكانة عند المولى -عز وجل، لأنها صلاة الليل التي ليس من السهل على الجميع الالتزام بها. لذلك نجد أن رب العزة -تجلى في علاه- يقول في كتابه العزيز: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا). لذلك نجد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قد تحدث عن صلاة الفجر منفصلة موضحاً فضلها وعقوبة من يتركها في بعض الأحاديث النبوية.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا».
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: »من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته. فإنه من يطلبه بشيء من ذمته يدركه ثم يكبه في النار».
ومن خلال تشبيه نور الهدى -صلوات الله عليه وتسليمه-. بأن تارك صلاة الفجر منافق، وأن الذي يحافظ عليها يكون في ذمة الله. أي حفظه، يتضح لنا أن عقوبة تارك صلاة الفجر، هي:
- يكون المنافقين أي مصيره جهنم في الآخرة. (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).
- يخسر الجزاء العظيم الذي يكون من صلاة الليل، ومنها صلاة الفجر! لأنها من صفات المتقين الذين يؤمنون بربهم حق إيمان.
- لا يكون في حفظ الله. مما يجعله عرضة لمصائب الدنيا المختلفة وشرورها.
عقوبة تارك صلاة الجمعة
على الرغم من الأجر العظيم الذي يحصل عليه من يحافظ على صلاة الجمعة في كل يوم جمعة، والذي أبلغنا به الحبيب المصطفى -صلوات الله عليه وتسليمه. في الحديث الذي يقول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن. إذا اجتنب الكبائر». رواه مسلم.
إلا أننا نجد بعض المسلمين خاصة الشباب الصغير في العمر لا يحرص على أدائها ويتكاسل عنها! ظناً منهم أنها أحد النوافل التي يؤجر عليها المرء. إلا أنه لا يحاسب عليها وأداء صلاة الظهر يكون كافياً. إلا أن هذا غير صحيح، وخطاً كبير شائع وسط العامة من المسلمين حيث تتواجد عقوبة تارك صلاة الجمعة! التي جاءت في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
عن عبدالله ابن عمر، وعبدالله ابن العباس -رضي الله عنهما-، قالا: سمعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: «على أعواد منبره لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن على قلوبهم ثم ليكتبن من الغافلين».
عن أبا الجعد الضمري، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،أنه قال: «من ترك ثلاث جمع تهاونا بها، طبع الله على قلبه».
ختاماً؛ نرجو أن نكون قد وفقنا في توضيح العقوبة العظيمة التي تنتظر تارك الصلاة، وان نكون سبباً في توبة البعض والعودة مرةً أخرى للالتزام في الصلاة. هذا ويسعدنا أن تشاركونا في التعليقات. ببعض من تجاربكم التي جعلتكم تحافظون على الصلاة ولا تتركون فرضاً.