من هو أول من قام بصك النقود
من الذي بدأ صك العُملات الإسلامية؟ في واقع الأمر يُعتبر التاريخ الخاص بالنقود والقطع المعدنية النقدية من أكثر
ما يُمكنه التعبير بشكل كبير عن التاريخ الخاص بالحضارات، فمُنذ النشأة الأولى للنقود وحتى يومنا هذا تحمل هذه القطع في طياتها جُزءًا واضحًا من تاريخ البلاد والحضارات.
أول من قاموا بصك النقود المعدنية
فكرة المال والدفع النقدي تُعتبر من الأفكار الجديدة في التاريخ الإنساني، فلم يبدأ التعامل بالنقود إلا من 3000 عام تقريبًا، وفي واقع الأمر لهذا القُدرة على أن يعكس مدى تطور احتياجات المرء مع مرور الزمن.
ففي بداية الأمر كان الإنسان يصطاد ليحصل هو وأُسرته على قوت يومه، سواء ما كان هذا الصيد للأسماك، الطيور أو حتى الدواب مثل الغزلان، الخراف بالإضافة إلى الأبقار،
كما كان هُناك تركيز كبير على تناول المُنتجات النباتية مثل الفاكهة والخضراوات التي تُطرح بشكل دوري ذاتي بفعل الطبيعة وفضلات الحيوانات أو حتى الزراعة.
لكن مع الوقت بدأ البشر في التركيز على نوع مُعين من المهام دونًا عن غيره، فمن أحب الزراعة امتنع عن الصيد، ومن أعجبه السمك تجنب اصطياد الماشية والدواب، أدى ذلك في نهاية المطاف إلى وجود عجز وفائض للمرة الأولى، وهي أولى فترات عدم الاكتفاء الذاتي.
بدأ على إثر ذلك البحث عن وسائل للمُبادلة، فمن يملك الأسماك يرغب في الفاكهة، ومن لديه الفاكهة يُريد اللحم، وهُنا تم التوصل إلى فكرة التبادل،
ومن ثُم استعمال وسيط للتبادل وغالبًا ما يكون ثابت مثل الأرز، القمح أو الذُرة ويختلف باختلاف المُجتمع والبشر، ولكن قد لا يرغب المرء في الأرز مثلًا.
هذا خلق مُشكلة الوسيط التبادلي الأولى وهي فكرة عدم القبول العام، أدى ذلك إلى البحث عن بديل يلقى رواجًا وقبولًا كبيرًا بين الناس.
فتم اعتماد المعادن النفسية بسبب حُب الناس لها وندرتها، وبالرجوع إلى كُتب التاريخ نجد أن المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت قال إن مملكة ليديا “غرب تركيا الحديثة” هي أول من قامت بصك النقود المعدنية، وعُرفت العُملة خاصتها باسم الأسد الليدي.
سنة الإصدار | ما بين 600 – 610 ق.م |
صدرت في عهد | الملك أليوتيس. |
لا يفوتك أيضًا: أول عملة في التاريخ وبداية صك العملات المعدنية (بالصور)
صك النقود في التاريخ الإسلامي
على الرغم من إطلاق الليديين للعُملة المعدنية الخاصة بهم مُنذ آلاف السنين إلا أنها لم تنتشر ولم تلقى رواجًا كبيرًا بين الناس في بدايتها، فاستمر البعض في استعمال مبدأ المُقايضة، كما أن هُناك فئات أخرى كانت تلجأ إلى الدفع باستخدام القطع الذهبية والجواهر.
في العصر الإسلامي وبالتحديد العصر الأول منه وعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المُسلمون يتعاملون باستخدام الدراهم والدنانير البيزنطية والفارسية التي غنموها من المعارك والغزوات بالإضافة إلى التجارة بكل تأكيد، والجدير بالذكر أن الزكاة أول ما تم فرضها فُرضت بهذه العُملات.
استمر استعمال المُسلمين لهذه العُملات حتى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي عصر الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لم يطرأ أي تغيير أو إضافات عليها، ولكن في العهد الذي تلاه وهو عهد الخليفة الفاروق عُمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه رغب المسلمون في إبراز شخصية مُستقلة.
بالفعل بدأ صك عُملات معدنية إسلامية ولكنها كانت لا تزال ذات طابع بيزنطي وفارسي، فلم يتم إجراء أي تغيير إلا استعمال كلمات عربية مثل “مُحمد رسول الله”، “الحمد لله”، “لا إله إلا الله” والعديد من الجُمل الأخرى.
الجدير بالذكر أنه حتى عهد الخليفة الفاروق كانت العُملات تُسك وتُضرب في غير بلاد المُسلمين، فعلى الرغم من حمل النقود لكلمة لا إله إلا الله وغيرها من العبارات الإسلامية إلا أنها كانت تحمل صورة هرقل وولديه.
لا يفوتك أيضًا: تاريخ العملة الورقية وأسباب ظهورها ومراحل تطورها
أول من صك النقود الإسلامية
انتهى عصر الخُلفاء المُسلمون الأوائل أو ما يُعرف بالخُلفاء الراشدين، وجاء بعدها عصر الدولة الأموية، وقد كانت دولة قوية للغاية ومُترامية الأطراف، عُرف عن هذه الدولة التطوير المُستمر للتُراث الإسلامي والفنون التي ترتبط بالدين.
فقد برع بنو أُمية في فنون العمارة، وقاموا بالعديد من التعديلات في سبيل إظهار الطابع الإسلامي بشكل أكبر والتعبير عن التُراث الخاص بهذه الحقبة الزمنية الزاهية.
استمر حُكم بني أُمية إلى أن وصلنا إلى عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أُمية القُرشي، خامس الخُلفاء الأمويين والمؤسس الثاني للدولة الأموية، والذي يُعتبر أول من قام بصك النقود الإسلامية.
ففي عصره كانت النقود تُضرب في دار السك بالإسكندرية، وتطور على إثر ذلك آلية السك، فأصبح للسكة دور خاص يُشرف عليه القُضاة ويتبع للهيئة والسُلطة الحاكمة.
تم على إثر ذلك إلغاء استعمال صورة هرقل والاستعاضة عنها بصورة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ومن حوله كتابات كوفية دائرية الشكل، وقد كان يحمل سيفه في كنايةٍ عن الإمامة والجهاد في سبيل الله وإعلاء راية الدين الإسلامي الحنيف في فترةٍ عُرفت بالفتوحات الإسلامية.
من الجدير بالذكر أن التطور الخاص بهذه العُملات لم ينتهي، فاستمر التجديد فيها حتى وفاة عبد الملك بن مروان في عام 705م، وعندها كانت العُملات النقدية التي يستعملها المُسلمون عربية خالصة وبعيدة كُل البُعد عن التأثير البيزنطي والفارسي.
لا يفوتك أيضًا: عملة دولة توغو ووصف فئاتها الورقية والمعدنية مع الصور