تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان جاء على لسان الكثير من العلماء وفقهاء الدين، وتلك الآية الكريمة من سورة النساء التي سُميت كذلك لكثرة ما ورد فيها من أحكام تخص النساء، ومنها ما يتعلق بأمور العفّة والطهارة وما إلى ذلك، في أحكام تشريعية يجب على كل مسلمة العلم بها.

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان

قال الله تعالى في سورة النساء:

وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (الآية 25).

بادئ ذي بدء نشير إلى المعاني الجليلة في تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فيما يلي:

محصنات الحرّة العفيفة
مسافحات الزانيات والفاجرات من النساء.. المهاجرة بالزنا
متخذات مصاحبات سرًا
أخدان المصاحبة بين الرجل والمرأة

أما عن تفسير مضمون الآية الكريمة فنذكره في قول أشهر علماء الفقه والدين كما يلي:

1- تفسير الطبري

قال الطبري في تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان إن الله أمر بالزواج من النساء بموافقة وليّ أمرها وأهلها، وإعطاء لها الصداق عن تراض، وألا يتم الزواج دون إذن أربابهنّ.. كما ذكر أن المحصنات هنّ العفيفات من النساء، ممن لا يقترفن فاحشة الزنا.

لأن النساء في الجاهلية كنّ يقمن بالبغي ويعلنّ عن أنهن زانيات، ويتخذن أخلّاء من الرجال دون حياء منهنّ أو خجل، لذا لا يجب الزواج منهنّ، فيجب الزواج من عفيفات، أما في تفسيره لمعنى الأخدان هم الأصدقاء في السر، ممن يمارسن معهم الرذائل والفاحشة.

لا يفوتك أيضًا: آيات عن الحب في القرآن بأشكاله وصوره المتعددة

2- تفسير ابن كثير

هنا جاء تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان أن المرأة تتزوج بوليّ أو وكيل، أو سيدها إن كانت أمة، مع دفع المهر المتفق عليه بطيب خاطر وعدم البخل عليها أو الاستهانة بها.

على أن يتم الزواج من العفيفات ممن لم يقربن الزنا ولا يجهرن بالمعاصي والفواحش.. ممن لا يخجلن من إظهارها، ولا يمنعن أحدًا ممن يريدهنّ في فاحشة.

3- تفسير الحسن البصري لمعنى أخدان

إن الخدن هو الصديق.. وفي تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان يعني أنها لا تتخذ من يفجر بها ويقوما بالمعصية والزنا، فذاك هو الخدن، على حد قول الشعبي:

الزنا وجهان قبيحان، أحدهما أخبث من الآخر، فأما الذي هو أخبثهما: فالمسافحة، التي تفجر بمن أتاها، وأما الآخر: فذات الخِدن“.. فالزنا هو سبب اختلاط النسب، وهذا ما كانوا يعانون منه في الجاهلية.

4- تفسير قتادة

من تبغي هي من تؤجر على بيع نفسها وعرضها، كما أن “ذات الخدن” هي التي لها خليل واحد “صاحب”، وتلك منهيٌ عن نكاحها (الزواج منها).. ففي الآية أمر من الله بالزواج بالحرة أما المسافحة فقد نهى الله عن ذلك.

لا يفوتك أيضًا: الآيات التي تتحدث عن القرآن الكريم

5- تفسير الشعراوي للآية 25 سورة النساء

عُرف عن الشعراوي –رحمه الله- تفصيل آيات القرآن إلى أبسط حد بالقدر الذي يفهمه أكثر الناس تواضعًا في علمه ومعرفته، ويُمكننا أن نُجمل ما جاء به في تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فيما يلي:

“ومن لم يستطع منكم”: من لم يكن من المسلمين على مقدرة بأن يُدخل في طوع يداه أمرًا لا يجب أن يجترئ عليه.
“طولًا”: من لا يملك مالًا حتى يتزوج، فلا يستطيع الطول.
“أن ينكح المحصنات”: نكاح ما ملكت اليمين يكون لغير مالكها لأن مالكها لا يحتاج ذلك.
“فمن ما ملكت أيمانكم”: أباح الله للمسلم أن ينكح مما ملكت أيمانه، ويمين غيره شرط إذن مولاها.
المحصنات: الحرائر من النساء.
فانكحوهن بإذن أهلهن: من له فتاة في ملك يمينه يجب معاملتها معاملة أهلها لها.
ولهن أجورهن بالمعروف: أي بما هو متعارف عليه، لا باعتبار أن أي شيء سيرضيها.
محصنات غير مسافحات: العفيفة التي لا تمارس الزنا
لا متخذات أخدان: من تتخذ عشاق لها
فإن أتين بفاحشة: فمن تزوجت وقد اقترفت فاحشة فهي آثمة ولها عقاب، لكونها متزوجة.
فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب: لأن الأمة ليس لها أسرة أو أب، وهي ليست متزوجة.. إن أتت بفاحشة يكون عقابها نصف عقاب الحرائر.

الدروس المستفادة من الآية 25 سورة النساء

تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان

لمّا كانت سورة النساء من طوال السور، فإننا وجدنا في تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان الكثير من الثمرات النافعة التي ما إن تداركتها المسلمة صارت على النهج الصحيح.. ومما عليها العلم به ما يلي:

  • يجب أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الشرع المباح.
  • على المرأة أن تقف على حدود الله التي وضعها في كل أمر يحدد علاقاتها، حتى تنال رضا الخالق.
  • الحياء والاحتشام والعفاف من صفات المرأة، لتكون بعيدة كل البعد عن سبل الحرام.
  • الفواحش منها ما هو باطن ومنها ما هو ظاهر، ويجب تجنبها.
  • ليس للمرأة أن تتخذ من الرجل خليلًا لها حتى لا تُجر إلى المعاصي.
  • باب التوبة لا يزال مفتوحًا أمام من وقع في فاحشة مبينة، وكان زانيًا.. فليس له أن ييأس من روح الله، فالله يقبل التوبة النصوحة.
  • يعتبر الزنا من الكبائر، يعاقب بالحد والرجم، وهو خطير على المجتمعات لما ينتج عنه من انتهاك للحرمات واختلاط الأنساب.
  • شرط العفة لا يقتصر على النساء دون الرجال، فالعفيف لا ينكح إلا عفيفة مثله، والزاني لا ينكح إلا زانية.

لا يفوتك أيضًا: آيات من القرآن عن العبادات

اتخاذ الأخدان محرم في كل حال

فلا تقتصر حرمانية اتخاذ الأصدقاء من الرجال على النساء فحسب، إنما يشمل الأمر الرجال ممن يتخذون النساء أخدانًا، فقد قال الله تعالى:

“الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ” سورة المائدة الآية 5

فما نحن بصدده اليوم إلا مصائد للشيطان تُفسد دين الشباب والفتيات وتجعلهم يبيحون ما حرمه الله، لذا على المسلم والمسلمة اتقاء يوم تشخص فيه الأبصار.

ما كان تحريم العلاقة دون ضوابط بين الرجل والمرأة إلا منعًا للانجراف في الفواحش والزنا، الذي ما إن انتشر في مجتمع ما.. حلّ الفساد.

إغلاق