مهنة النبي داوود عليه السلام
النبي داوود عليه السلام من الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى بني إسرائيل من أجل هدايتهم حتى يبعدوا عن عبادة الأصنام والشرك بالله، وأن يعبدوا الإله الواحد الأحد وهو رب العزة -سبحانه وتعالى. وقد أرسل الخالق مع نبيه داوود الكثير من المعجزات التي تجعل بني إسرائيل يؤمنون بِدعوته. ولم -عليه السلام- لم يكن النبي الوحيد الذي أرسله الله إلى هؤلاء القوم. ومن هذه المعجزات كانت المهنة التي كان يُعرف بها نبي الله داوود -عليه السلام-.
- حداد ماهر يقوم بِصناعة الدروع التي يستخدمها المحاربون للدفاع عن أنفسهم
مهنة النبي داوود
لم يترك الله -سبحانه وتعالى- قوم من عباده إلا وأن أرسل لهم نبي أو رسول. يدعوهم إلى عبادة الله وطاعته والبعد عن معاصيه وما يغضبه، وقد كان بنو إسرائيل من أكثر الأقوام الذين أرسل الله إليهم الأنبياء.
وعلى الرغم من ذلك قد كفروا بهم حتى مع المعجزات التي أرسلها الله معهم. وأحد أكثر المعجزات الواضحة والتي كذب بها هؤلاء القوم أيضاً هي معنى النبي داوود عليه السلام.
والذي كان معروفاً عنه أنه حداد ماهر يقوم بِصناعة الدروع التي يستخدمها المحاربون للدفاع عن أنفسهم في المعارك .. خاصة أن السلاح المستخدم في ذلك الوقت كان السيف وكانت الدروع التي يصنعها النبي داوود تتميز بِخفة وزنها وثقلها وجودة صنعها.
وهو ما يتيح للمحارب سهولة حملها أثناء القتال وفي الوقت نفسه تكون صلبة وقوية حتى تقيه شر الضربات التي تأتي له من الأعداء، وهو ما جعله حداداً مميزاً عن غيره من الحدادين المتواجدين في عصره كما جاء في قوله تعالى (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا).
سبب مهنة النبي داوود عليه السلام
العمل هو أساس العبادة والدليل على ذلك إننا لم نجد نبي من الأنبياء الذين أرسلهم الله -سبحانه وتعالى- إلا وأن كان يعمل. بداية من سيدنا آدم أبو الخلق جميعاً -عليه السلام- الذي كان يعمل مزارعاً حتى خاتم المرسلين جميعاً الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت مهنته التجارة. ولم يعمل نبي في مهنة إلا وقد كانت المعجزة التي أُرسل بها ذات صلة بهذه المهنة.
ونجد أن سبب أن مهنة النبي داوود عليه السلام كانت الحدادة أن الله -سبحانه وتعالى- قد سخر له الحديد .. وهو ما جاء في الآية الكريمة التي تقول (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ). وكان نبي الله يستطيع ثني الحديد دون الحاجة إلى النار أو مطرقة مثلما يفعل الحدادون. وهو فضل من الله عليه حتى يبين آياته لِعباده في الرسل الذين بعثوا بِرسالته إليهم.
معجزات النبي داود عليه السلام
لم يرسل الخالق -تجلى في علاه- رسولاً إلى قوم إلا وأن بعث معه المعجزات التي تؤكد نبوته وأنه مرسل من قِبل الخالق ولا يدعي ذلك. وقد بين القرآن الكريم هذا الأمر عندما ذكر ذلك في أحد الآيات في قوله تعالى: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ].
وقد ميز الله نبيه داود بِالكثير من الآيات حتى يبطل حجة بني إسرائيل في عدم الإيمان بالأنبياء والرسل المبعوثين إليهم. لهذا نجد معجزات النبي داود عليه السلام أكثر من واحدة وهو ما يقطع الشك بِاليقين بأنه نبي من عند الله. وهو جاء جميعه في القرآن الكريم:
- الزبور: وهو الكتاب الذي بُعث به داود إلى قومه ويحتوي على حوالي 50 آية {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}.
- ثني الحديد وتشكيله كما يريد: وصناعة الدروع وغيرها مما يصنع من الحديد. (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ)، (..وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ).
- الحكمة وقول الصواب دائماً. (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ).
- الصوت العذب الجميل وتسخير الجبال والطير حتى يسبحون معه.
{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ}.
أهم صفات النبي داود
لم تكن المعجزات التي أرسلها الله -سبحانه وتعالى- مع نبيه ورسوله دادو هو ما ميزه عن باقي قومه فقط؛ إنما كانت الصفات التي تحلى بها التي وهبها الله إياه هي ما ميزته من البداية وجعلته عبداً صالحاً يستحق أن يكون من الذين اجتباهم الله حتى يوصلوا رسالته إلى بعض من عباده، وأهم صفات النبي داود. كما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ما يلي:
- القوة البدنية والجسمانية والشجاعة الفائقة، وهو ما جعله يتفوق على جالوت في المعركة التي دارت بينهما ومن ثَم أصبح ملكاً.
(فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ..).
- كثرة التسبيح والتعبد والتوبة والرجوع إلى الله
﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
- العلم النافع والمعرفة الواسعة.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
- الفصل بين الناس والحكم بِالعدل بينهم بِالحكمة والعقل الراجح.
﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾.
نسب النبي داود عليه السلام
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ..)، والمسلم الحقيقي لا يكتمل إسلامه إلا بالإيمان بِجميع الرسل الذين بعثهم الله على مر العصور وإلى الأقوام المختلفين
دون التفرقة بينهم كما جاء في الآية الكريمة، والتعرف على نسب الأنبياء جميعاً أمر هام لجميع المسلمين ومنهم بالطبع نسب النبي داوود عليه السلام الذي ميزه الله عن الكثير من الرسل والأنبياء وجمع له بين النبوة والرسالة والملك.
- نسب النبي داود يمتد إلى النبي إبراهيم أبو الأنبياء جميعاً، وبِالتحديد من نسل النبي إسحاق -عليهم السلام أجمعين-؛ فهو “داوود بن عويد بن عابر .. حتى الوصول إلى بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم”. الجدير بالذكر أن يهوذا من أبناء النبي يعقوب وشقيق النبي يوسف -عليهما السلام-.
- ابن سيدنا داود هو النبي سليمان -عليهما السلام- الذي أعطاه الله علماً زاخراً مثل والده كما قال المولى في كتابه العزيز: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ).
سيدنا داوود في القرآن الكريم
أحد أهم المميزات المتواجدة في القرآن الكريم عن باقي الكتب السماوية التي نزلت على الرسل السابقين أنه كتاب شامل. ومن الموضوعات الهامة التي جاءت في الذكر الحكيم هي قصص الأمم السابقة والرسل الذين ذكر بعضهم في الآيات القرآنية والبعض الآخر لا لِقوله تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ..).
وأحد أكثر الرسل الذي تم الإشارة إليهم في القرآن الكريم هو الرسول داود -عليه أفضل الصلاة والسلام-.. وقد تم ذكر سيدنا داود في القرآن الكريم في الكثير من المواضع وفي أكثر من سورة بِالتحديد ستة عشر مرة.
وقد تعددت الإشارة إلى سيدنا داوود في القرآن الكريم ما بين توضيح كيف أنعم الله عليه بِالملك ثم النبوة والرسالة .. هذا بالإضافة إلى المعجزات الخاصة به -عليه السلام- من ثني الحديد وتسخير الجبال له وقصص أخرى تخص حياة النبي داود.
مهن الأنبياء عليهم السلام
يقول الله -سبحانه وتعالى في الذكر الحكيم: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وهو ما يدل على أن العمل قد كُتب على معظم الرسل والأنبياء لأنهم -عليهم السلام جميعاً- كانوا قدوة للناس ويجب أن يُحتذى بهم. هذا وقد ذكر لنا القرآن الكريم بعض من مهن الأنبياء عليهم السلام والبعض الآخر لم يذكرهم ولكن تم التعرف عليهم من القصص المختلفة، ومن المهن التي تم ذكرها في القرآن مهنة النبي داود السابق ذكرها بِالفعل.
- آدم: مزارع. “فلاح”.
- إدريس: خياطاً.
- إبراهيم وإسماعيل: بنائين. ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ [البقرة: 127].
- نوح: نجار. ﴿واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * ويصنع الفلك﴾ [هود 37 – 38].
- موسى: راعي غنم. ﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴾ [طه: 17 – 18].
- عيسى: طبيب بِقوله تعالى: ﴿ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 49].
- محمد: راعي للغنم وتاجر.
نرجو أن نكون قد قدمنا من المعلومات ما جعل متابعينا يتعرفون على مهنة النبي داوود عليه السلام.