معلومات عن ظاهرة الاحتراق الذاتي
تحدث العديد من الظواهر الطبيعية التي يسعى العلم والعلماء دائمًا إلى اكتشاف أسبابها، والتعرف على خباياها ليعلم ما إن كان هناك سبيلًا لتفاديها أو منع تفاقمها، فهناك الكثير من التفاعلات التي تحدث في باطن الأرض وعلى سطحها، والتي ينجم عنها بعض الظواهر كالزلازل والبراكين وتسونامي، والتي لا دخل للإنسان بها فكل ما يُمكنه فعله هو التنبؤ بها في بعض الأحيان، ومن أهمها ظاهرة الاحتراق الذاتي فماذا تعني؟.
ظاهرة الاحتراق الذاتي
للتعرف عليها لابد من تعريف مفهوم الاحتراق أولًا، فهو ينتج عن تفاعلات كيميائية تحدث بين مادتين، وتنشأ الحرارة كأحد نواتج التفاعل.
- تُؤدي إلى انبعاث غازات مصحوبة بلهب، وتتباين درجة القابلية للاشتعال ما بين مادةٍ وأخرى.
- إلا أن العلماء وجدوا نوعًا مُختلفًا تمامًا عن الاحتراق الطبيعي، مما أثار في نفوسهم الحيرة الكبيرة وباتوا يتساءلون هل هو حقيقة أم خيال؟، وأطلقوا عليه اسم الاحتراق الذاتي.
- بدأوا في وضع تعريف لتلك الظاهرة فوجدوها تنشأ كنتيجة لحدوث تسخين ذاتي أو تلقائي في المادة أو الجسم نفسه، حيث ترتفع درجةَ الحرارةِ وتزداد بشكل ملحوظ مع حدوث التفاعل الكيميائي الداخليّ، الذي يعمل بدوره على نشر الحرارة في الجسم كله.
- ثم يبدأ الجسم بتسخين نفسه ذاتيًا بصورة غاية في السرعة، وينبعث منه اللهب نتيجة لاشّتعاله.
ولا يفوتك أيضًا:- مفهوم الاحتراق الذاتي وأسباب حدوثه لدى الانسان
الاحتراق الذاتي البشري
- أطلق عليه العلماء اسم (Spontaneous Human Combustion) واختصاره (SHC).
- هي ظاهرة نشوء حريق فجأة بشكل تلقائيّ في الجسم البشري، دون تدخل لأي عامل خارجي.
- يُمكن في بعض الأحيان أن ينجم عن ذلك بعض آثار الحروق البسيطة على سطح الجلد وظهور الدخان.
- قد يُلحق ذلك ضررًا جسيمًا بجسم الإنسان بأكمله، كما أنه في بعض الحالات من الممكن أن ترتفع فيها درجة حرارة الاحتراق، لتصل إلى 1500 درجة مئوية أو ما يزيد.
- لعله من الجدير بالذكر في هذه الحالة أن تلك الظاهرة قد تؤدي بعض الأحيان إلى الوفاة، أو حدوث إصابة بالحروق في الأماكن المختلفة من الجسم.
- إلا أن الجسد البشري لا يُمكن أن يصل حينها إلى درجة التفحم، إلا ببلوغه درجة الحرارة التي تتعدى الثلاثة آلاف درجةٍ مئويةٍ.
أسباب ظاهرة الاحتراق الذاتي
أعزى العلماء تلك الظاهرة إلى أسبابٍ عدة، بعد أن واجهوا صعوبةً وحيرةً كبيرة في تفسيرها، ومنهم من رجَّح التالي:
- الإفراط الشديد في تناول الكثير من المشروبات الكحولية، حيث لجأ العلماء الذين اختاروا ذلك التفسير إلى كون الكحول الذي يُعد مكونًا أساسيًا لتلك المشروبات هو من أكثر المواد القابلة للاشتعال.
- بينما نفى البعض الآخر منهم ذلك السبب، بعد أن أجروا العديد من التجارب على بعض الحيوانات ولم تُفسر عن أي عملية احتراقٍ واحدةٍ.
- فسر آخرون تلك الظاهرة بأنها مُرتبطة ارتباطًا وثيقًا بزيادة نسبة الدهون في جسم الإنسان، والتي بدورها تُستهلَك من قِبل الحريق في صورة الذائبة منها لنشره.
- سرعان ما نفاها الباحثون بعد أن أثبتوا وجود حالات احتراق ذاتي لأشخاص يُعانون من النحافة والضعف العام.
- أرجعها البعض إلى ارتفاع كم الكهرباء الكامنة في الجسم البشري، مما يُؤدي إلى تولُّد طاقة داخلية هائلة إذا ما حدث خللًا ما.
- فكر آخرون في الجهاز الهضمي وعادات الغذاء السيئة، التي قد تُؤدي إلى حدوث تفاعلات خطيرة يعقبها انفجار في القناة الهضمية.
- مع ازدياد الحيرة التي واجهت جميع العلماء في شتى أنحاء العالم وكافة التخصصات، أهداها المُحدثون إلى حدوث أي ماس كهربائي بداخل جسم الإنسان بصورة مجهولة لا تفسير لها.
- مما أدى إلى نشوء تفاعلات نووية بشكل تسلسلي، وبالتالي تولُّد كم ضخم من الحرارة نجمت عنه تلك الظاهرة.
اقرأ المزيد:- علم ما وراء الطبيعة ودراسة الخوارق
رأي أطباء الطب الشرعيّ في ظاهرة الاحتراق الذاتي
أجمع الأطباء حاليًا على أن معظم الحالات التي احترقت ذاتيًا إن لم يكن جميعها، تم غلق التحقيق فيها دون النظر إلى العوامل الخارجية.
- فبالنظر إلى الجسم البشري نجد أنه لا يقدر على إنتاج ذلك الكم الهائل من الحرارة، والتي تُمكنه من الاحتراق ذاتيًا.
- أكدوا ذلك التفسير بأن الجسد يتكون من 60 – 70% من الماء والذي يُعد سائلًا غير قابل للاشتعال.
- أما بالنظر إلى الجانب الذي فسر الظاهرة تبعًا لتناول المشروبات الكحولية، فإن الأشخاص الذين دائما ما يتناولون تلك المشروبات من الممكن أن يحدث لهم تسمم يُؤدي إلى الوفاة، قبل بلوغ الكم الذي قد يصل إلى الحد الأدنى الذي يجعل الجسم قابلًا للاحتراق.
- كما أوضحوا أن المادتان الوحيدتان اللتان من الممكن أن تشتعلًا داخل جسم الإنسان، هما النسيج الدهني وغاز الميثان الموجود بالجسم كناتج مخرجات.
- بالنظر إلى توافر جميع الظروف التي تُساعد على اشتعال غاز الميثان داخل الجسم، فلن يتوفر بالقدر الكافي الذي يُودي بالدهون إلى نقطة اشتعالها.
- على فرض توفر الكمية الكافية سيتولى الماء الموجود بالجسم بصورة كبيرة إخماد تلك النيران حينها.
- أما عن الشعور بالحرقان المتصاعد في البلعوم، فما هو إلا زيادة في نسبة أحماض المعدة أدى إلى تصاعدها، والشعور بذلك الإحساس.
مصطلح الاحتراق البشري الذاتي
- في عام 1746 ميلاديًا نشر أحد الصحفيين مقالًا يخص المعاملات الفلسفية، ذكر فيه ذلك المصطلح لأول مرة.
- تلاه في عام 1834 ميلاديًا الكاتب “لاري أرنولد” الذي أطلق عليه “1995 مشتعلًا”، لأن العالم قد سجل حواليّ مئتين تقرير لحالات احتراق بشري ذاتي، في فترة تُقدَّر بحواليّ ثلاثمائة عام.
- بعدها بما يزيد عن المائة عام نشرت المجلة الطبّية البريطانية مقالًا للطبيب الشرعي “جافن ثورستون” عام 1938 م، يصف فيه أن تلك الظاهرة لا تُثير انتباه العاملين بالمجال الطبي فحسب، بل العلمانيين بشكل أكبر.
ضحايا الاحتراق الذاتي عبر التاريخ
- سُجلت العديد من حالات الاحتراق إلى يومنا هذا، وكانت أولها في عام 1637 ميلاديًا حين حدثت واقعة احتراق ذاتي “نيكول ميليت”، حينها تم توجيه أصابع الاتهام إلى زوجها وقيل أنه المُرتكب الوحيد لتلك الواقعة.
- تم تسجيل الحالة الثانية بعدها في فرنسا، حيث حدثت لرجل مُدمن بشراهة على المشروبات الكحولية، ووُجِد جسده مُتفحمًا بعد دقائق قليلة من نومه وعُثِرَ عليه جثةً هامدة.
- كما احترقت سيدة أثناء تنزهها مع زوجها وأبناءها، حيث أُضرِمت النيران فيها ولم يستطع أحد أن يتمكن من إنقاذها.
- احتراق السيدة “فيليس نيوكومب” خلال دقائق وبمنتهى السرعة، ولم يتمكن أحد من إطفائها.
الخصائص المُشتركة بين ضحايا الاحتراق الذاتي
- وجد الأطباء الشرعيين اشتراكًا بين معظم الحالات، لأن التقارير تفيد بأن أغلبهم من مُدمني المشروبات الكحولية وبصفة خاصة الإناث كبار السن.
- أثبتت التحقيقات أن الجسم حينها لم يحترق من تلقاء نفسه، بل كانت هناك مواد مُشتعلة بالاتصال مع الجسم، كالمواقّد والسّجائر والشموع والمصابيح، أدت إلى تساقط اليدين والقدمين.
- كما أن الحريق يتسبب في أضرار تُعد طفيفة للأشياء القابلة للاشتعال المتصلة بالجسد، والجدير بالذكر هنا أن جميع الضحايا قد تخلَّف وراء احتراقهم بقايا رماد دُهني رائحته مُقزِزَةٍ للغايةِ.
- كما أن تواجد عامل المشروبات الكحولية هنا فقط لإثبات الثمالة، التي تُؤدي بصاحبها إلا عدم الاهتمام بالنار التي اشتعلت.
- بالإضافة إلى كونه مُغيَّب عقليًا سواء تحت تأثير الخمور أو أي مرض، يجعله فاقدًا للتركيز أو الوعي، كحالةٍ أُصيبت بالنوبة القلبية أثناء التدخين أدى ذلك إلى تساقط السيجار وبدء الاشتعال.
ولا يفوتك أيضًا:- علم الخوارق وما وراء الطبيعة
قصص الاحتراق الذاتي
- بات أشهرها في العالم قصة الرجل المسن الذي بلغ من العمر 73 عامًا، والذي يدعى “هنري توماس”.
- وُجد مُحترقًا في غرفته داخل منزله بولاية راسو إيبو فاللي الواقعة بجنوب ويلز عام 1980.
- احترقت جثته ما عدا جمجمته وجزء من الساق تحت ركبتيه، أما عن القدمين والساقين فقد وُجدا داخل الجوارب والسراويل.
- كما احترق نصف الكرسي العلوي الذي كان يجلس عليه، حينها قرر ضابط الشرطة وخبير الطب الشرعي أن توماس قد احترق بفعل الفتيل، واستبعدوا موته حرقًا بل أن هذا حدث بعد الوفاة.
- أما في عام 2010 فقد استنشق الجيران رائحة احتراق “مايكل فيريتي”، في أيرلندا بمقاطعة غالواي، وأقر الطبيب الشرعي “سياران ماكلوغلين” حينها أن مايكل احترق تلقائيًا، ولم يجد لما حدث أي سبب آخر.
قصة احتراق منازل الهند ذاتيًا
- ظهرت حالة في أغسطس 2013 لطفل رضيع اسمه “راهول“، كان يبلغ من العمر شهران ونصف يعيش في ولاية تاميل نادو في الهند.
- تم نقله إلى مستشفى في تشيناي بأربعة حروق بجسده منذ ولادته، وبعد إجراء العديد من الاختبارات الأوليّة تحقق أنها ليست تشوهات.
- كما نفت كونها ضمن حالات الاحتراق الذاتي، وتوسيع نطاق التحقيقات تم التأكد من أن الأم كانت تعيش في قرية أخرى، اشتكى معظم سكانها من احتراق المنازل بشكل تلقائي وانفجارها فجأة.
- بالبحث في ذلك الأمر الغريب الذي أثار جدلًا كبيرًا حينها، وجدوا أن هناك فوسفورًا مُخبًأ في روث الأبقار وهو الذي أدى إلى مثل تلك الحرائق والانفجارات.
- أما في عام 2015 عانى الأخ الأصغر لراهول “جايارا ماكندران” من حروق بجسده بنسبة 10%، وادَّعوا أنه احتراق ذاتي.
- أدلى الأطباء الشرعيين بمستشفى كبلوك شكوكهم في تلك الادعاءات، واستندوا بشهادة أحدهم والذي عالج أخاه راهول منذ عامين.
- فقال بكل وضوح أنه لابد من أن يكون هناك أحدًا قد ألقى الرضيع عمدًا في النار، وأن تلك الحروق لا علاقة لها بـ الاحتراق الذاتي.
الاحتراق الذاتي في القرآن
أشارت آياتٍ عدةٍ في القرآن الكريم إلى أن الجسم البشري يُساعد على الاشتعال، ومن أبرزها:
قال تعالى في سورة البقرة “فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتَّقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعِدَّت للكافرين” صدق الله العظيم، حيث جاء في تفسير العلَّامة بن كثير أن الله تعالى يُشير في الآية الكريمة إلى أن جسم الإنسان هو وقودًا يُلقى في النار فيُؤدي إلى إضرامها.
قول الله تبارك وتعالى في سورة التحريم آية 6 “يا ايُّها الذين آمنوا قوا أنفُسَكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارةُ عليها ملائكة غِلاظ شِداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون” صدق الله العظيم.