ما هو حد الزاني المحصن والبكر
ما هو حد الزاني المحصن والبكر؟ وما هي شروط ثبوت الحد؟ يُعد الزنا من الكبائر التي نهى الله عنها، ولم يقتصر النهي على الأمر بعدم الفعل، بل وضع الله حدًا لمُرتكب الزنا والذي يختلف باختلاف حالة مرتكبيه، سواء كان محصنًا أو غير مُحصن وهو حد أنزل على الرجل والمرأة فهما سواء .
ما هو حد الزاني المحصن والبكر؟
الزنا من الأمور التي حرمها الله ونص عليها القُرآن الكريم، حيث إنها من أكبر الكبائر التي من المُمكن أن يقع فيها المُسلم، وهُناك عقوبات رادعة لمُرتكبيه وضعها الله من أجل الحد من الوقوع في الزنا، كما أن عقوبة الزنا في الآخرة أشد وأعظم.
كان الإسلام حريصًا على وضع الحدود التي تختلف بحسب الفعل وحسب حالة مُرتكبه، ولِما كان الوقوع في الزنا مُمكنًا لُكلٍ من المتزوج وغيره، كان لا بُد من توضيح الحد المانع لكُلٍ منهما، فما هو حد الزاني المحصن والبكر؟
فرق الإسلام بين العقوبة المانعة لكُل من المُحصن: وهو الذي سبق له الزواج من قبل والبكر: الذي لم يسبق له الزواج، ولم يُفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في العُقوبة فهما سواء في استحقاق الحد.
يُعد الحد للزاني/ة المُحصن/ة مُغلظًا؛ حيث إن الله أتاح لهم الفرصة للحصول على المُتعة في الحلال ولكنها بالرغم من ذلك وقعا فيما حرمه الله ولِما في ذلك من إفساد للنسب، وتُعد العقوبة هي الرجم حتى الموت؛ ودليل ذلك ما ثُبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه رجم ماعزًا والغامدية، وفعل الصحابة -رضي الله عليهم أجمعين- وإجماع الفُقهاء.
أما بالنسبة للزاني غير المُحصن فكان الحد في حقه مُخففًا وهو الجلد كما أن له شروط خاصة وعدد مُعين وهو 100 جلدة، ودليل ذلك قوله تعالى: “الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ”… (سورة النور، آية: 2)، وتُعد الآية عامة إلا أن السُنة قد بينت لنا وخصصت الحد لغير المُحصن.
لا يفوتك أيضًا: تفسير قول الله تعالى محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان
شروط إقامة الحد على الزاني
هُناك بعض الشروط حددها الإسلام من أجل تطبيق حد الزنا، ولا يُمكن تطبيقها دون توافر تلك الشروط، والتي لا بُد من معرفتها عند السؤال عما هو حد الزاني المحصن والبكر؟ حيث من المُمكن ألا يُطبق عليه الحد، ومن أبرز تلك الشروط ما يأتي:
- لا بُد من توافر شروط ثلاثة أساسية مُهمة في البداية وهم أن يكون الزاني مُسلم بالغ عاقل؛ وفي حالة عدم تحقق تلك الشروط يسقط عنه الحد ويُقتصر على التعزية، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقلَ).
- الاختيار، حيث إن الإكراه على الزنا يُسقط الحد عنه.
- أن يكون الزنا مع آدمية بشرط أن تكون حية؛ وذلك ِلما ثُبت عن ابن عباس رضي الله عنهما:) ليسَ على من أتَى البهيمةَ حَدّ).
- عدم الزنا لشُبهة؛ حيث يسقط الحد في حالة الزنا مع من ظن أنها زوجته أو في حالة الجماع مع زوجته في عقد زواج باطل.
- إدخال العضو الذكري في قُبل المرأة أو دُبرها، وهو شرط أساسي حيث إنه لا حد لمن لمس أو قبّل امرأة، ويقتصر على التعزير فقط.
- ثبوت الزنا: ويُمكن ذلك من خلال الإقرار بالفعل، أو الشهادة ويُشترط في الشهادة أن يشهد 4 رجال موثوقين بحصول الإيلاج وذلك بالرؤية المُباشرة؛ وذلك حتى لا يُصبح الاتهام بفعل الزنا من الأمور المُباحة والسهلة.
لا يفوتك أيضًا:افضل 50 دعاء التوبة عن الزنا والفواحش مكتوب
صفة إقامة حد الرجم على الزاني
هُناك بعض الأمور يجب الوقوف عليها عند التعرف على ما هو حد الزاني المحصن والبكر، وهي الصفات الخاصة التي يجب الحرص عليها عند إقامة حد الرجم والتي تتمثل في الآتي:
- القائم بالحد هو الإمام أو من ينوب عنه.
- لا يُشترط لإقامة مكان خاص؛ حيث إنه مُتاح في جميع الأماكن العامة باستثناء المسجد.
- يجب أن يشهد الحد مجموعة من المُسلمين.
- يُرجم الرجل وهو قائم، والمرأة وهي جالسة.
- من توجب عليه حد الرجم يسقط عنه حد الجلد.
- بالنسبة للحفر فهو راجع للإمام إن شاء حفر أو لا، وإذا كانت امرأة فيجب ألا تنكشف.
دليل وجوب الحد على الزاني المحصن والبكر
في إطار الإجابة على ما هو حد الزاني المحصن والبكر؟ يجب ذكر الدليل الذي يوجب الحد، وهُناك العديد من الأدلة في القُرآن الكريم والسُنة النبوية التي تدل على وجوب الحد وماهيته، وهي المذكورة فيما يأتي:
قال تعالى: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” (سورة النور، الآية 2)
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ قالَ: إِنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأةً زَنَيَا، فقال لَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، قال عَبْدُالله ابْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا.
فَوَضَعَ أحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فقال لَهُ عَبْدُالله بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَرَ بِهِمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، فَرَأيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرْأةِ، يَقِيهَا الحِجَارَةَ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ: قالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: لا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كتاب الله، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَهَا اللهُ، ألا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كَانَ الحَبَلُ أوِ الاعْتِرَافُ ألا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، قالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أبِكَ جُنُونٌ». قال: لا، قال: «آحْصَنْتَ». قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْراً، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
إجماع الفُقهاء وجمهور العُلماء.
لا يفوتك أيضًا: ما هي عقوبة التعزير في الشريعة الإسلامية
ما يُرجم به الزاني المحصن
هُناك بعض الشروط الخاصة التي يجب مُراعاتها عند تطبيق حد الرجم على الزاني المُحصن؛ لذلك كان للإمام وحده الحق في تنفيذ عقوبة الزنا نظرًا لما يتمتع به من حكمة وعلمه بالشروط والأحكام الواجبة في إقامة الحدود، كما يجب معرفة ما يُرجم به الزاني المُحصن من أجل تطبيق الحد، ويُمكن معرفته من خلال ما يأتي:
حد الزاني المُحصن | ما يُرجم به | الدليل |
الرجم بالحجارة حتى الموت. | حجارة مُعتدلة لا بالصغيرة فيطول عذابه، ولا الكبيرة فيموت سريعًا. | ورد عن شداد بن أوس أنه قال:
ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ الله؟، قَالَ: (إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ، وَليُحِدّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَليُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). |
الزنا من الأمور التي جاء الإسلام بتحريمها، وقد كانت عقوبتها في بداية الأمر مُخففة ثُم قام الإسلام بتغليظها تدريجيًا وذلك مُراعاة لصالح الناس، ويختلف حد الزنا للمُحصن عن غيره.