هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

يتساءل الكثير هل يجوز قتل الغراب وما حكم تربيته في الإسلام، لأن قتل حيوان أليف جريمة إنسانية ودينية، وأمر يغضب الله ويحاسب عليه الإنسان حساب عسير، فيجب وجود دلالة على وجوب قتل الحيوان وتأكيد على أنه مؤذي ويلحق الضرر بالإنسان والنباتات.

أما عن الغراب فيرى البعض أنه نذير شؤم، والبعض يكرهه لارتباطه بالدفن، كما أن هناك أحاديث تبيح قتله، عكس كثيرًا من الطيور التي يباح تربيتها، ويحبها الناس ويتعاطف معها، لحجمها الصغير ولأنها غير مؤذية.

 هل يجوز قتل الغراب

يعتبر الغراب من الغواسق، التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف، إذ روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن الرسول قال:

خمس من الدواب كلهنَّ فاسق يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور.[ref]الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 2887 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (3314)، ومسلم (1198)، والترمذي (837)، والنسائي (2887) واللفظ له، وابن ماجه (3087)، وأحمد (25350) [/ref]

والمقصود بالفواسق هو الخبث والخروج عن الحرمة، وإيذاء الغير سواء بإفساد الطعام أو بنقل الأمراض، أو إلحاق الضرر بأي من المخلوقات، لذلك فإن قتل الغراب الذي يلحق الضرر بالناس جائز.

هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

لماذا الغراب من الفواسق

يعتبر الغراب من الفواسق الخمس التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه خرج عن طبع الحيوانات الأليفة، مثله مثل الفئران التي تخرب كل شيء وتفسد الطعام وتقطع الثياب، ومثل الحدائة التي تسرق الطعام، والكلب العقور.

يجب التميز بين الغربان التي تعتبر من الفواسق والغربان التي تعيش وسط الناس وتأكل الحبوب مثل الحمام والطيور، فالغراب الذي يجوز قتله الفاسق، هو الغراب الأبقع

الذي يشوب سواده البياض، وهو أشنع أنواع الغربان، إذ أنه لا يتغذى على الميتة فقط، بل ويؤذي البعير وينقر ظهرها ويلحق بالحيوانات الضرر

هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

شاهد أيضًا: دعاء عند رؤية الغراب

ما هو الغراب الذي يجوز قتله

يعتبر الغراب الذي يأكل الجيف هو الذي يجوز قتله لأنه يلحق الضرر بباقي المخلوقات، وينقل الأمراض والأوبئة، إذ أن الجيف هو الجثث المتعفنة المليئة بالبكتيريا و الديدان المسببة للأمراض والأوبئة.

أما الغراب الزراعي الذي يتغذى على الحبوب فلا يجوز قتله، لأنه غير مستخبث ولا يتغذى على الجثث ولا على الأطعمة الفاسدة ولا يلحق الضرر بأي من الكائنات الحية.

ويعتبر نوع أليف من الطيور، مثله مثل الحمام، كما يجوز للإنسان إطعامه، حتى أن البعض أحل أكله، لأنه يتغذى على الحبوب والأطعمة الطيبة[ref]https://www.islamweb.net/ar/fatwa/28892/[/ref].

هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

شاهد أيضًا: تفسير رؤية الغراب في المنام لابن سيرين

حكم تربية الغراب في الإسلام

يعتبر الدين الإسلامي دين الشرائع والقوانين الواضحة، فما من أمر خفي ولا مجهول، لكل سؤال جواب ودليل وسبب، فعن تربية الطيور فهي حلال ومباحة، لأنها أليفة وغير مؤذية ومفيد أكلها، وتربيتها وإطعامها إحسان.

أما عن تربية الغراب فهي من شواذ القاعدة، فبرغم من أنه طائر إلا أنه لا يجوز تربيته، لأنه من الفواسق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه يأكل الجيف والأطعمة النتنة التي لا يجوز أكلها، كما أن هذه الحيوانات سميت بالفواسق استعارة عن خبثهن.

فالغراب من الفواسق أيضًا لأنه ينقر ظهر البعير وينزع عيناها، ويسرق أطعمه الناس مثله مثل الحدائه التي تسرق الدجاج والطيور والفأرة التي تنقر الثياب وتفسد الطعام وتنقل الأمراض، لذلك لا يجب تربيتهم أو تعليمهم.

أما عن دلالات أنه لا يجب اقتناء الغراب فهي كثيرة مثل قول ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في كتاب المغني:

وما وجب قتله: حرم اقتناؤه وتعليمه[ref]المغني (13، 268)[/ref]

كل هذا عن الغراب الي يأكل الجيف فقط، أما غراب الزرع فهناك دلالات على جواز تربيته واطعامه وتعليمه وأكله، ومن بينها، ما قاله صاحب الهداية في فتح الباري:

المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع فلا. وكذا استثناه بن قدامة وما أظن فيه خلافا.

قال بن حجر رحمه الله:

اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك، ويقال له غراب الزرع، ويقال له الزاغ، وأفتوا بجواز أكله

قال بن قدامة الحنبلي:

لكن إذا تحقق أن هذا الغراب هو من نوع غراب الزرع الذي لا يؤذي ولا يأكل الخبائث، فهذا قد أجيز أكله، فلا يدخل في جنس الغراب الذي أمرنا بقتله.

شاهد أيضًا: الغراب في المنام للإمام الصادق

هل الغراب نذير شؤم في الإسلام

قد يظن البعض أن الغراب أحل قتله في الدين الإسلامي، لأنه نذير شؤم أو يجلب النحس، أو أنه مرتبط بالقتل أو الموت، إلا أن هذا غير صحيح، فعندما أحل الإسلام قتل الغراب، أحل قتل نوع واحد وهو النوع الخبيث الفاسق الذي يأكل الأكل الفاسد والجثث المتعفنة.

الدين الإسلامي دين عقائدي مبني على العلم والتقوى، وما حرم شيء على الإنسان أو أحل قتله، إلا لأنه يلحق الضرر، أما التطاير والتشاؤم ليس من الإسلام، وليس في الإسلام، بل هي عادات قديمة ترجع لعصور الجاهلية، كما أنها تعتبر خرافات وجهل توارثتها الأجيال عن أسلافهم.

فكان الناس في الجاهلية يكرهوا صوت الغراب، ويتشاءم العرب من صوته، أما عندما جاء الدين الإسلامي محى الجهل، وما على المسلم إذا سمع صوت الغراب، إلا أن يقول اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، لقول رسول الله في الحديث الشريف:

مَنْ ردَّتْهُ الطِيَرَةُ عن حاجتِهِ فقدْ أشرَكَ قالوا: يا رسولَ الله وما كفارَةُ ذلِكَ قال يقولُ ” اللهمَّ لا طيرَ إلَّا طيرُكَ ، ولَا خيرَ إلَّا خيرُكَ ، ولَا إلهَ غيرُكَ[ref]الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : إصلاح المساجد | الصفحة أو الرقم : 117 | خلاصة حكم المحدث : صحيح [/ref]

هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام

بذلك نكون وصلنا لنهاية مقال هل يجوز قتل الغراب وحكم تربيته في الإسلام، والذي عرضنا من خلاله رأي الدين في قتل الغراب، وما هي أنواع الغربان الجائز قتلها.

ولماذا أحل الدين قتله في الحل والحرم، كما تعرفنا على إن كان الغراب نذير شؤم أم لا، فكل شيء في الدين الإسلامي موضح بالدليل، فهو دين شرائع وقوانين عظيمة كلها في صالح الإنسان والبيئة.

إغلاق