موضوع تعبير عن عقوق الوالدين
عقوق الوالدين أصعب فعل يمكن للمرء أن يقوم به في الدنيا، فهو من الآثام التي يقابلها الله بأقصى عقوبة في الحياة والآخرة، وفي هذا الزمان قد كثر عقوق الوالدين، فنسمع دائمًا عن حوادث إيذاء الولد أو الفتاة لآبائهم؛ لذلك ينبغي التطرق إلى هذا الموضوع بكل تفاصيله.
مقدمة موضوع تعبير عن عقوق الوالدين
إن عقوق الوالدين من الذنوب الكبيرة التي حذرنا منها النبي – صلى الله عليه وسلم -، وتوعد الله تعالى من يرتكب هذه الذنوب بأقصى العذاب، والعقوق له أشكال وصور مختلفة، ولكن قبل التطرق لها ينبغي أن نعرف ما المقصود بعقوق الوالدين حسب التعريفات التي اختلفت من إمام لآخر وسوف نتعرف عليها فيما يلي:
الإمام القرطبي | مخالفة الوالدين أو أحدهما في طلباتهما التي لا معصية فيها. |
ابن الصلاح | أي فعل يسبب الأذى والضرر للوالدين أو أحدهما. |
ابن حجر العسقلاني | مأخوذ من لفظ العق، أي كل فعل يؤذي الوالدين. |
ابن حجر الهيتمي | إحداث أفعال لأحدهما أو كلاهما ليست بالسهلة في العرف. |
ابن منظور | العقوق أي الشق، وعقوق الوالدين أي قطع الصلة بهم. |
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن طاعة الوالدين وواجبنا نحوها
مظاهر عقوق الوالدين
تعرفنا سابقًا على المعاني المختلفة لعقوق الوالدين، وأنها من الذنوب التي تثقل كفة السيئات في ميزان العبد، وتختلف مظاهر العقوق تجاه الوالدين من أفعال أو أقوال، وفي التالي سوف نتعرف على مظاهره:
- التحدث معهما بألفاظ غير لائقة، والنظر لهم شزرًا أو الاستهانة بهم، وتعمد إحراجهم أمام الآخرين.
- عدم مساعدتهم ماديًا عند تقدمهم في العمر، وذكر المعروف الذي فعله الابن لهم أمام الناس.
- الاستغناء عنهما ورفض مجالستهم، وتأخير تنفيذ احتياجاتهم، عدم زيارتهم والاستماع لآرائهم في مختلف النواحي.
- عدم فعل ما يكرمهم بعد وفاتهم، كالتصدق عنهم والدعاء لهم، وقطع الصلة بكافة أقاربهم وأصدقائهم الذين كانوا يحبونهم.
- الثورة والغضب عليهما، وطردهما من المنزل أو إرسالهما إلى بيت العجزة.
- إعطاء الأوامر للوالدة كإعداد الطعام، تنظيف المنزل والملابس، وعدم شكرها أو ذكر جميلها، ولكن إذا كانت الوالدة تفعل ذلك عن طيب خاطر دون أوامر منه فلا حرج مع شكرها ومساعدتها.
- مقاطعة التحدث معهما، وافتعال الصراعات معهما، وتكذيبهما ومجادلتهما.
- التكبر عليهم، ورفع الصوت عليهم، واعتبار الولد نفسه مساويًا وندًا لهما.
أسباب عقوق الوالدين
ومن خلال التعرف على تعبير عن عقوق الوالدين تختلف أسباب عقوق الوالدين من عائلة لأخرى ومن شخص لآخر، وتختلف الدوافع والأهداف، وقد يكون العقوق ناتج بسبب الآباء أيضًا وليس الأبناء فقط، وفي التالي سوف نتعرف على الأسباب التي تتعلق بكل منهما على حدى:
1- أسباب تتعلق بالأبناء
- جهل الأبناء بعقوبة العقوق في الدنيا وكذلك حساب الله لهم في الآخرة، وجهله بفضائل بر الآباء والأمهات وقيمة الوالدين في الحياة.
- الصحبة الغير صالحة التي تكسب الابن أو الفتاة سلوكيات غير حميدة وصفات سيئة تتسبب في عقوق الوالدين، كذلك تقليد الابن أو الفتاة للأصدقاء السيئين في عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم.
- عدم فهم الأبناء لمشاعر الآباء والأمهات، فهم لم يكونوا آباء من قبل أو أمهات، فلذلك لا يدركون ما يشعر به الأب والأم ولا يفهمون الأذى الناتج عن عقوقهم.
2- أسباب تتعلق بالآباء
- التربية الغير صحيحة وتتضمن أن يربي الوالدان أبنائهما على سلوكيات بعيدة كل البعد عن الصلاح وتقوى الله عز وجل، بل وقد يحفزوا أبنائهما لفعل ما هو جيد وهم بذاتهم لا يفعلونه.
- تمييز الآباء لابن عن ابن آخر، مما يترتب عليه نشأة الكراهية والبغض في نفس الابن المظلوم تجاه والديه وإخوته.
- عدم تحفيز الآباء لأبنائهم عند القيام بسلوك حسن، وتشجيعهم على استمرار فعله.
- عند حدوث طلاق فيمكن أن يبدأ الأب في زرع الكره في الابن تجاه والدته، ويمكن أن يحدث العكس، أو أن يقوم الطرفان بذلك وهو ما يتسبب في عقوق الابن لأحد الأطراف أو لكلاهما.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن طاعة الوالدين وواجبنا نحوها
عقوبة عقوق الوالدين
وفي سياق الحديث عن تعبير عن عقوق الوالدين إن عقوق الوالدين من الكبائر التي يعاقب الله عليها مرتكبها في الدنيا قبل الآخرة، فقد حرم عز وجل العقوق تحريمًا صريحًا في قوله تعالى:
(َوقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا) [سورة الإسراء – الآية 23].
كما أن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عدّها من الكبائر وقرنها بشهادة الزور، فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث عن الرسول الكريم أنه قال:
“ألا أخبرُكُم بأَكْبرِ الكبائرِ؟ قالوا: بلَى يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشراكُ باللَّهِ، وعقوقُ الوالدَينِ، وشَهادةُ الزُّورِ أو قَولُ الزُّورِ قالَ: فما زالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُها حتَّى قُلنا لَيتَهُ سَكَتَ” [صحيح الترمذي]،
والتكرار للتأكيد على كبر الأمر وعظمته.
كذلك حذر النبي أن عقاب عقوق الوالدين يأتي سريعًا قبل عقاب أي ذنب آخر، فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث عن رسول الله أنه قال:
“مَا من ذَنبٍ أَجدرُ أن يُعَجَّلَ لصاحبِه العُقوبةُ مَعَ ما يُدَّخَرُ لهُ، من البَغي وقَطيعةِ الرَّحِمِ” [صحيح الألباني]
كما أن عاق والديه يقابله أبنائه في الحياة بالعقوق لأن الجزاء من جنس العمل والأمثلة والقصص على ذلك كثيرة.
مظاهر بر الوالدين
استكمالاً لحديثنا عن تعبير عن عقوق الوالدين كما ذكرنا في السابق أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب وأثقلها، ولتفادي العقوق يجب القيام بالسلوك المعاكس للحصول على رضا الله عز وجل، وقبل الخوض في مظاهر بر الوالدين التي هي سهلة وغير مجهدة نتعرف ما المقصود بالبر لغةً واصطلاحًا:
البر لغة | الخير والإحسان وهو عكس الفجور والعقوق |
البر اصطلاحًا | الإحسان والعطف وحسن الفعل والقول للوالدين |
- الطاعة فيما يطلبان طالما لا يغضب الله.
- الـتأدب في الحديث معهما.
- تقبيل اليد.
- مناداتهما بما يحبان من أسماء.
اللطف في التعامل. - عدم المشي أمامهما.
- الصبر على ما يكره من أفعالهما.
- صلتهم وصلة أقربائهما وأصدقائهما.
- الموازنة بين كفة العمل، الأبناء، الزوجة وبين كفة الوالدين.
بر الوالدين في القرآن الكريم
قد حثّنا الله على البر في عدة مواضع من القرآن الكريم، فقال تبارك وتعالى:
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [سورة النساء – الآية 36]
كما ظهر أهميته في قوله جل وعلا:
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [سورة لقمان – الآية 14]، فأكد الله تعالى على ضرورة طاعة الوالدين.
لكن أمر بعدم طاعتهما في المعصية أو الشرك بالله عز وجل، وإذا أمرا بذلك فلا نسيء إليهما بل نستمر في الإحسان لقوله جل وعلا:
(َإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (سورة لقمان – آية 15)
فضل بر الوالدين
لبر الوالدين فضائل كثيرة في الدنيا وفي الآخرة، فالبار بوالديه خصص الله له جزاءً كبيرًا وثوابًا عظيمًا يدفع المرء ليتنافس على بر والديه، فقد فضَل رسولنا الكريم لأحد الرجال أن يبر والديه بدلًا من الجهاد في سبيل الله فقد قال:
“ جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ في الجِهَادِ، فَقَالَ: أحَيٌّ والِدَاكَ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ” [صحيح البخاري – حديث صحيح]
بر الوالدين من الأعمال التي تقرب من الجنة وذلك ظهر عندما سأل أحد الصحابة رسول الله، فعن عبد الله ابن مسعود – رضي الله عنه – قال رسول الله:
“ يا نَبِيَّ اللهِ، أيُّ الأعْمالِ أقْرَبُ إلى الجَنَّةِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى مَواقِيتِها قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: برُّ الوالِدَيْنِ. قُلتُ: وماذا يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ” [صحيح مسلم].
فدعاء الوالدين يخفف الهموم ويقي المصائب التي تصيب الفرد وتزيل البلاء، فيأتي دليل ذلك في ذكر الثلاثة أنفار الذين دخلوا غار يختبئون به وسقطت صخرة حالت ما بينهم وبين الخروج، فظل الثلاثة يدعون الله أن يفرج عنهم الكرب، وكان أحدهم الذي يهتم بأبويه ويطعمهما قبل أولاده فاستجاب له دعوته، أي أن بر الوالدين يزيد به الله رزق العبد، يبارك له في عمره ويزيد له في الطاعات والخير.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن بر الوالدين بالعناصر والمقدمة والخاتمة
خاتمة موضوع تعبير عن عقوق الوالدين
إن الوالدين هما أقيم ما يملك الإنسان في حياته، وهما بوابته لدخول إلى الجنة من أوسع أبوابها، فقد خاب وخسر من عق والديه، وقد أفلح وفاز من أدخله برّه الجنة.