موضوع تعبير عن اليتيم بالعناصر الكاملة
يُعد لقب اليتيم واحدًا من أكثر الألقاب التي يُمكن أن ينالها المرء في حياته قسوةً، وفي واقع الأمر تُمثل هذه الفكرة واحدًا من أكبر الكوابيس التي تجعل كُلًا من الأطفال والكبار على حدٍ سواء يتوجسون خيفةً، فليس هُناك ما هو أعظم وأصعب من خسارة الأب، الأم أو كلاهما، لذا وجدنا أنه من واجبنا التطرق للحديث عن اليتيم وكيفية التعامل معه.
مُقدمة موضوع تعبير عن اليتيم
دائمًا ما تحثّنا النصوص المستوحاة من الدين الإسلامي الحنيف وغيره من الأديان الأُخرى، وحتى صور القوانين الإنسانية والمُعتقدات الغريزية التي يتحلى بها الشخص السوي على الرفق باليتيم، فكثيرًا ما يكون عُرضةً للعديد من الصعاب والمُشكلات النفسية والحياتية التي لا يوجد من يتصدى له ويحميه منها، والتي قد تودي به إلى التهلكة، فهو دائمًا وأبدًا على شفا الهاوية.
قبل الدخول في صُلب الموضوع وجب علينا معرفة من هو اليتيم في قواعد اللُغة العربية، ويُمكن الوصول إلى معنى هذا المُصطلح بالاطلاع على الجدول الآتي:
اليتيم | هو من يفقد أباه فقط. |
العجي | هو من يفقد أمه فقط. |
اللطيم | هو فاقد الأب والأم معًا. |
لكن بشكل عام يُطلق لقب اليتيم اصطلاحًا على فاقد الأب، الأُم والأبوين معًا في أعراف الدين وحتى اللُغة.
اليتيم.. لفظٌ غير منتهي الصلاحية
كثيرًا ما يتم إطلاق وصف اليتيم على الأطفال الصغار الفاقدين لأحد الأبوين أو كلاهما دونًا عن غيرهم، وفي واقع الأمر لا يُمكن لهذا المفهوم أن يقتصر على هذه الفئة والعمل على إغفال غيرها من الفئات العُمرية التي تُعاني الأمرين.
فمن المؤكد كون الأطفال الشريحة العُمرية الأكثر ضعفًا واحتياجًا لآبائهم مُقارنةً بغيرهم في الكثير من الأمور مثل تعلم بعض القوانين الحياتية والقواعد التي تُصبح فيما بعد أشبه بقوانينٍ رواسخ بالنسبة للأبناء على مدار حياتهم، ما يعني أن احتياج الأطفال لآبائهم في هذه المرحلة هو من دافع الغريزة البشرية البحتة إن صح التعبير.
فلم يقوى الطفل بعد للاعتماد على نفسه بشكل كُلٍ، وهو ما نراه في كافة الكائنات تقريبًا، فالطيور تُعلم فراخها الطيران والأسود تُعلم أشبالها الصيد، ما يعني أن الآباء يُعتبرون الملجأ الأول للأبناء في سبيل تخطي بعض الصعاب وتعلم المهارات السلوكية، الشخصية والاجتماعية على حدٍ سواء، والتي لم يكونوا قد بلغوا من الإدراك والمعرفة ما يؤهلهم لتخطيها وحدهم.
لكن هُناك جانب لا يشعر به هؤلاء الأطفال ألا وهو إدراك معنى الموت وما سيعود عليهم على مدار السنوات القادمة من وفاة كلا الوالدين أو أحدهما، فالأطفال في الغالب يكون لديهم بصيصٌ من الأمل بعودة آبائهم يختفي عند الوصول إلى مرحلة الإدراك.
ليعلم حينها المرء أنه كُلما نضج وتقدم في حياته أكثر كُلما احتاج إلى والديه بشكل أكبر، فهُناك جُزء يرى الابن أنه مفقودٌ ولا يُمكنه تعويضه، فمن من اليتامى لم تمر على آذانهم كلمة اعتبرني كوالدك، أو اطلب مني ما تُريد متى احتجت.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن يوم اليتيم بالأفكار والعناصر
خسارة غير قابلة للتعويض
لكن هُناك حقيقة دائمًا ما يصطدم بها اليتيم هُنا، ألا وهي كون الأب والأُم لا يُعوضهما أحد، فمع كُل موقفٍ يشعر فيه اليتيم باحتياجه الشديد لمن يسمعه ويُشاركه في أحزانه، مُشكلاته وتفكيره في سبيل اتخاذه بعض القرارات المصيرية والبسيطة على حدٍ سواء يواجه الحقيقة المُطلقة أنه وحده.
ففي حال ما لم يجد من يرعاه ويُرشده إلى طريق الصواب ويُبعده بدافع الحُب والخوف عن كافة الدروب الصعبة في الحياة الدُنيا وما سيواجهه فيها من مُشكلات؛ فإنه سيكون عُرضةً للانحراف أكثر من غيره.
دائمًا ما يكون اليتيم بحاجة إلى الرعاية والاهتمام، وفي واقع الأمر يُعتبر ذلك من المسؤوليات المُجتمعية التي يجب علينا أن نُداوم ونواظب على القيام بها بشكل دوري، فعدم تقديم المُجتمع الدعم الكافي لليتامى ومن يحتاجون حقًا منهم للنُصح والإرشاد قد يتسبب في مظاهرٍ سلبيةٍ كبيرة لا يُحمد عُقباها.
وصية خير البرية من السُنة النبوية
كافة هذه الأزمات المُحتملة والصعاب التي قد تواجه فاقد الأبوين والتي وجب التطرق إليها والتعبير عنها في موضوع اليتيم تُعد السبب الرئيسي في توصية خير البرية مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أُمة المُسلمين، ومعشر المؤمنين برعاية اليتامى والتكفل بهم.
فقد جاء في سُنة الحبيب المُصطفى والإرث الخالد الذي تركه لأمته من بعده العديد من الأحاديث التي تُشير إلى كون اليتامى من الأمانات التي يتركها الله في أعناق عباده من القادرين على حمايتهم، رعايتهم بالإضافة إلى التكفّل بهم وتقديم يد العون لهم على كافة الأصعدة المادية منها والمعنوية.
من أبرز صور هذه الأحاديث هو ما جاء في تخريج مشكاة المصابيح على لسان الصحابي الجليل خليل رسول الله سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه حينما قال: ” خيرُ بيتٍ في المسلمينَ بيتٌ فيهِ يتيمٌ يُحسَنُ إليهِ وشرُّ بيتٍ في المسلمينَ بيتٌ فيهِ يتيمٌ يُساءُ إليهِ” [صحيح المسند].
في الحديث الشريف أعلاه بيان يدُلُ على مدى رفعة من يُكرمون اليتيم ويُخففون عنه أهوال الدُنيا، وما يمر به من مواقف وضغوطات نفسية أو مادية نتيجة ما مر به وما آلت إليه أموره في الحياة الدُنيا.
فبيت من يأوي اليتيم بخير بيوت المُسلمين لا يُعبر إلا عن فضل القيام بهذا الفعل النبيل والعمل الشريف الذي يُثيب الله على إثره القائمين به.
على النقيض تمامًا وفي الجانب الآخر نجد أن البيوت التي يُهان فيها اليتامى ولا يُكرمون داخلها بأكثر بيوت المُسلمين شرًا، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يوحي له الله بما يقوله في الدين عن طريق الوحي الأمين سيدنا جبريل خير الملائكة المُنزلين، ما يعني أن حديثه عن موضوع اليتيم أمر إلهي.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن كفالة اليتيم
التعامل مع اليتيم بأعراف المُجتمع المُضطربة
استكمالاً لحديثنا حول تعبير عن اليتيم كثيرًا ما نرى الفعاليات التي تُقام في سبيل التخفيف عن اليتيم والتهوين عنه، ولكن هل هذا حقًا هو ما يتخلص به المُجتمع من خصالٍ وصفات؟ في واقع الأمر لا، فاليتامى يُعاملون في الكثير من الأحيان مُعاملة المنبوذين والمُختلفين؛ فلا يتذكرهم المُجتمع إلا في عيد اليتيم، فبئس العيد الذي يتم فيه التعبير عن كون هذا الطفل أو الشاب وحتى الرجل اليافع مُختلفًا عن غيره من أقرانه.
فالتعامل الحقيقي والدوري خارج نطاق الأعياد والمظاهر الاحتفالية دائمًا ما يتسم بقساوة القلب وعدم السعي في مُحاولة التخفيف عن الشخص الذي ابتلاه الله بفُقدان السند والدعم، وذلك ينقلب في الكثير من الأحيان إلى حواجز وهواجس تجعل اليتيم يُحبذ إخفاء موت والده أو والدته على قول الحقيقة.
بل يُفكر في الموضوع وكأنه وصمةُ عارٍ على جبينه على الرغم من كونها وصمة لا تُحقر ولا تُقلل إلا من المُجتمع المريض الذي توصم جباه من يُفكر فيه بهذه الطريقة ليُعاقبهم الله أشد العقاب، وهُنا لا يُقصد بالتعامل السيء الإهانات فقط، بل التعامل بتفرقة زائدة عن اللزوم.
أكثر مقولة يُمكنها تجسيد هذا الواقع هو كون الإفراط في عدم التمييز تمييز، فما هو سبب إقامة يومٍ سنوي لتذكير الأطفال اليتامى بكونهم مُختلفين، وما هو الدافع من التعامل معهم بشكلٍ مُختلف مع قول “لولا أن والدك مُتوفٍ لكان لي معك تصرفٌ آخر”.
هذا لا يتسبب إلا في تعميق جراح قلبٍ عانى الأمرين بالفعل على الرغم من صغر سنه، فثق بي، هذا الطفل، الشاب، الرجل اليافع أو حتى العجوز في فؤاده وسجين ضلوعه جُرح ترك أثره وبصماته التي لم ولن تُمحى بمرور الزمن، فكن بداية التغيير في التعبير عن موضوع اليتيم بشكل إيجابي.
الدوافع الإنسانية السليمة للتعامل مع اليتامى
ثق تمام الثقة أن كُل كلمةٍ خرجت من فاهك تجاه طفلٍ يتيم تُعبر عن كونك تراه مُختلفًا أو أقل من الأطفال الآخرين وكأنما ينقصه شيء سيتذكرها
ويكنّها بين ثنايا عقله وخبايا قلبه إلى يوم يُبعثون، لذا فاحفظ لسانك وتعامل بإنسانية بعيدًا عن الأضواء والأجواء الزائفة للأعياد والاحتفالات البائسة، وكما قال الشاعر في التعبير عن موضوع اليتيم:
بلغت بحزني أعالي القمم.. واخجلت بالصبر كل الهمم
يحاصرني الخوف من كلّ صوب.. ويعزفني الفقر أشجى نغم
يتيم فهل أدركوا من أكون.. وكيف تجرّعت كأس المنون
إذا ضحك الناس أبكي دماً.. ألملم جرحي وهم يضحكون
جريح وذنبي لعمري أليم.. فذنبي أني غريب يتيم
فيا أمي أينك هل تسمعين.. نحيب جراحي بصوت السنين
وأعلم أنك لا تسمعين.. فقد أخرس الصوت فيك الحنين
رحلتي وطفلك بين العذاب.. كحمل تمزّق بين الذئاب
يصيح ويشحذ عطف الوحوش.. ولكنّ إحساسهم في غياب
جريح وذنبي لعمري أليم.. فذنبي أني غريب يتيم
على الرغم من انشغالنا وكون الحياة تسرق كُل ما فينا من جُهد، وقت وحتى مشاعر إلا أنه في أعماق غريزتنا البشرية وفطرتنا السليمة والقويمة نجد أننا نشعر بالحُزن ونُشاطر اليتامى الأسف والأسى عندما نسمع بعض المُشكلات والصعاب التي يمرون بها، فجعل ما يمر به اليتيم من صعاب موضوعٌ دوري الطرح من أبسط واجباتنا للتعبير عن دعمنا لهم.
ما جاء في تعاليم الدين عن اليتيم
ومن خلال التعرف على تعبير عن اليتيم لما لا نعمل بما يُمليه علينا قلبنا وغريزتنا؟ ولما لا نتحلى بما جاء في الشعائر الإسلامية لديننا الحنيف؟ فقد قال الله تبارك وتعالى بقوله العظيم في كتابه الفُرقان الكريم العديد من الآيات التي تم التطرق فيها للتعبير عن موضوع اليتيم وكُل ما يمر به فاقد الأبوين في الحياة الدُنيا، ومن أبرز هذه الآيات قول ذو الجلال والإكرام:
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ…} [سورة البقرة: الآية رقم 177].
فالله سُبحانه وتعالى لا يربط البر بالصلاة فحسب، فبئس من يُصلي وهو لا يتحلى ولا يتخلق بخلق الدين القويم ولا يعرف قلبه الله وما أنزله من شعائرٍ دينيةٍ وتعاليم، فالبر عند الله هو اجتماع العديد من الخصال الحميدة.
فالمُسلم الحق والمؤمن الذي يعلم فضل ما يقوم به وعاقبة ما قد يعود عليه هو من يتقي الله في التعامل مع الضعيف والسائل، واليتيم ويكون من أوائل ما ذُكر عند الحديث عن أوجه البر وصوره، ولكن نرى مع الأسف ونسمع عن العديد من الحالات التي تُعاني ويتم التعامل معها بقسوة لكونها ضعيفة.
فمن منّا لا يعرف جارًا له قد جار على يتيمٍ في حقه وماله؟ وفي واقع الأمر نحن هُنا لا نتحدث عن الغُرباء، وهذا ما يجعل الأمر شديد القسوة في واقع الأمر، فحديثنا عمن جاؤوا من صُلبٍ واحد ونسلٍ مُشترك، حديثنا عن العم والخال في التعامل مع ذويهم، عن أقارب الدرجات من الأولى وحتى من يتذيلون ترتيب الدرجات في الثالثة.
لا يسعنا قولُ شيءٍ لهؤلاء إلا تذكيرهم عظيم قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [سورة النساء الآية 10].
لا يفوتك أيضًا: من هو اليتيم وكم عمره
كفالة اليتيم
في سياق الحديث حول تعبير عن اليتيم لقد أوصى ديننا الإسلامي على اليتيم فأمرنا بالإحسان إليه والعطف عليه، وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، فكافل اليتيم له أجر كبير عند الله تعالى.
وتعني كفالة اليتيم أن يقوم شخص بالتكفل بطفل يتيم وتحمل مسئوليته كاملة من طعام وشراب ومسكن وملبس وفرصة في التعليم والصحة وكل أمور الحياة فضلاً عن تربيته بشكل صحيح وتعليمه الأخلاق الحميدة والقيم والمبادئ، ولكفالة اليتيم الكثير من الفوائد منها:
- تحسين الحالة النفسية للطفل اليتيم من خلال توفير جو مناسب لنشأته وتوفير حقوقه في الحياة.
- نشر مشاعر الحب والتآخي والمودة بين أفراد المجتمع.
- حماية الطفل من مخاطر الحياة التي قد تواجهه نتيجة نشأته في جو غير مترابط.
- الحد من خطورة ظاهرة أطفال الشوارع وما يواجهه هؤلاء الأطفال من مستقبل مجهول.
- حفظ أمن واستقرار المجتمع والحد من الجرائم والفوضى.
- نيل رضا الله تعالى وثواب كفالة اليتيم.
خاتمة موضوع تعبير عن اليتيم
في نهاية حديثنا عن موضوع تعبير عن اليتيم الذي يُعتبر واحدًا من أسمى وأهم ما يجب أن نتطرق إليه في التعبير عما تعيشه هذه الفئة المُستضعفة في الحياة الدُنيا والمُكرمة في حياة الحق ودُنيا الخلود، فلا يسعنا إلا أن ننصح أنفسنا وإياكم بضرورة مُراجعة طُرق تعاملنا مع من أوصانا الله بهم وحثّنا رسولنا الكريم عليه خير الصلاة والتسليم على طيب التعامل معهم.