هل الوضوء يغني عن غسل الجنابة ؟
يسأل الكثير من المسلمين هل الوضوء يغني عن غسل الجنابة، والعكس، فالدين الإسلامي دين طهارة، والله تعالى يحب المتطهرين، لذا يجب أن يعرف كل مسلم أصول الطهارة لتصح صلاته، ويقبل صيامه، وتبارك أعماله.
هل الوضوء يغني عن غسل الجنابة
تعرف الطهارة بأنها إزالة نجس ورفع حدث، لصحة الصلاة وتقبّل العبادات، وهي واجبة بعد الجنابة، كما تعرف الجنابة بأنها خروج المني لشهوة أي لجماع، وعلى المسلم التطهر من ذلك الأمر، إذ أنه الحدث الأكبر، الموجب الغسل بعده.
الحدث في الإسلام ينقسم إلى قسمين، وهما الحدث الأصغر والحدث الأكبر، ويعرف الحدث الأصغر بأنه خروج نواقض الوضوء كالبول والغائط أو المذي أو الودى، ويكون الوضوء كافي للتطهر، وبعده يمكن للمسلم أن يصلي ويقرأ القرآن ويقوم بسائر العبادات.
الحدث الأكبر مثل الجنابة والحيض والنفاس، لا يبرأ المسلم منهم حتى يغتسل غسل تام، فلا يكفي الوضوء للطهارة، لذلك لا يغني الوضوء عن غسل الجنابة.
هل يغني غسل الجنابة عن الوضوء
يعتبر الاغتسال من الجنابة طهارة للبدن، وبعدها يمكن للمسلم الصلاة والصيام والقيام بالعبادات، حيث يغني غسل الجنابة عن الوضوء، والدليل على ذلك:
قول الخرشي:
فإن اقتصر المتطهر على الغسل دون الوضوء أجزأه، وهذا في الغسل الواجب، أما غيره فلا يجزئ عن الوضوء، ولا بد من الوضوء إذا أراد الصلاة.
قال الشيخ ابن عثيمين، إذا كان الاستحمام على جنابة، فإنه يغني عن الوضوء، وذلك لقول الله تعالى:
“وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا”[ref][المَائدة: 6][/ref]
فإذا كان المسلم جنب وانغمس في الماء، ونوى رفع الجنابة وتمضمض واستنشق، فيرتفع عنه الحدثين الأصغر والأكبر، لأن الله تعالى لم يفرض عند الجنابة سوى التطهر، وبمعنى أن يعم الماء جميع البدن.
ويفضل للجنب أن يتوضأ قبل الاغتسال، وذلك تيمنًا واقتضاءًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يغسل الفرج ثم الكفين، ثم يتوضأ ثم يفيض الماء على رأسه ثم يكمل الغسل.
كيفية التطهر من الجنابة
تعد الطهارة شرط أساسي من شروط القيام بالعبادات، فلا صلاة وصيام دون اغتسال من الجنابة أو الحيض أو النفاس، ولذلك يجب أن يعرف كل مسلم كيفية الاغتسال، كما وضحها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، حيث روت السيدة عائشة رضي الله عنها تفصيًلا كيف كان يغتسل النبي، إذ قالت:
كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.
وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ أبِي مُعَاوِيَةَ ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ.[ref]الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 316 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (248)، ومسلم (316). [/ref]
هل يجوز الصلاة بعد الاستحمام بدون وضوء
يعتبر الغسل الواجب فقط، هو الوحيد الذي يغني عن الوضوء، أي الغسل من الحدث الأكبر، بينما الاستحمام للتبرد أو النظافة لا يغني، والصلاة بعد الاستحمام العادي دون وضوء باطلة، ويجب إعادتها، والدليل على ذلك قول الله عز وجل:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا” [ref]سورة المائدة [آية 6][/ref]
شاهد أيضًا: أحاديث نبوية عن النظافة والطهارة
هل غسل الجمعة يغني عن الوضوء
يعتبر غسل الجمعة غسل للنظافة، ولا يغني عن الوضوء، فيلزم على المسلم أن يتوضأ بعد الاستحمام ليصلي، حيث وضح الشيخ ابن باز، هذا الأمر حيث قال:
أما إن كان الغسل لغير ذلك، كغسل الجمعة، وغسل التبرد والنظافة، فلا يجزئ عن الوضوء ولو نوى ذلك; لعدم الترتيب، وهو فرض من فروض الوضوء، ولعدم وجود طهارة كبرى تندرج فيها الطهارة الصغرى بالنية، كما في غسل الجنابة.
شاهد أيضًا: لماذا تقضي المرأة الحائض الصوم بعد الطهارة
هل يجوز الوضوء بعد الجنابة والنوم
يعتبر النوم على جنابة مكروه في الشريعة الإسلامية، حيث يجب غسل الفرج ثم الوضوء، ثم يمكن أن ينام على جنابة إلى اليوم التالي.
حيث سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم، أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال النبي “إذا توضأ فليرقد”.
شاهد أيضًا: متى يجب الغسل على الفتاة الغير متزوجة
هل يجوز غسل مكان الجنابة فقط
لا يجوز التطهر بغسل الفرج فقط، بل الأصل في الاغتسال إسالة الماء على البدن، لتعمه كله، كما يجب أن يغسل محل الجنابة والفرج كله بالماء الجاري، ثم الوضوء ثم الاغتسال كاملًا، حيث قيل في كتاب منح الجليل:
“الشرط جريان الماء من أول العضو إلى آخره، لا سيلانه عنه ولا تقاطره منه”
وذكر الخطيب الشربيني الشافعي في كتاب مغنى المحتاج أن الاغتسال هو سيلان الماء على جميع البدن بنية التطهر من الحدث الأكبر.
شاهد أيضًا: متى تغتسل المرأة بعد العلاقة الزوجية
لذلك فالغسل واجب من الجنابة، ولا يغني غسل الفرج ولا الوضوء عن الاغتسال، بينما يغني الاغتسال عن الوضوء، فالطهارة ركن فقهي عظيم، يجب الاعتناء به، لقبول العبادات والصلوات، فالله تعالى يحب المتطهرين، والطهارة شرط من شروط الإسلام، حيث لا يدخل كافر في الدين إلا إذا تطهر من نجاسة الكفر واغتسل.