حكم أكل التمساح في الإسلام
تعد دولة سنغافورة واحدة من أشهر الدول التي تقدم لحم التمساح على مائدة الطعام، وهي أحد الدول المعروف عنها؟ بكثرة المسلمين المتواجدين فيها، وهذا أدى إلى استفسار الكثير من المسلمين المتواجدين داخل الوطن العربي وخارجه؟ عن حكم أكل التمساح في الإسلام؟خاصةً أنه معروف أنه من الحيوانات المفترسة المعروف عنها، أنها يحرم أكلها في الشريعة الإسلامية. لذلك يتعجب الكثير من المسلمين من اشتهار أكلة لحم التمساح في سنغافورة، ومن تناول المسلمين فيها لهذه الأكلة.
وقد حرص رجال العلم على الرد على استفسارات المسلمين من حول العالم حول هذه المسألة. إلا أن آرائهم جاءت مختلفة، ولم يتم الإتفاق على رأي واحد؟! بسبب عدم وجود دليل مباشر سواء كان في الكتاب أو السنة النبوية الشريفة، يوضح حكم أكل التمساح في الإسلام. لذلك انقسمت الآراء حول هذه المسألة إلى قولين، هما:
- القول الأول: التحريم، وعدم إباحة أكل التمساح في الدين الإسلامي.
- القول الثاني: الإباحة بحيث يمكن للمسلمين أكل التمساح دون حرج أو وجود أثم عليهم.
حكم أكل التمساح عند المذاهب الأربعة
لم يكن حكم أكل التمساح عند المذاهب الأربعة متفق عليه. بل تواجد إختلاف بين الأئمة الأربعة فيما يخص هذه المسألة. إلا أن المعظم منهم قد حرم أكل لحمه بينما البعض الآخر ذهب إلى الإباحة، وفيما يلي نوضح رأي المذاهب الأربعة كاملة وما استندوا عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، في رأيهم في هذا الموضوع.
- رأي جمهور الفقهاء: ذهب أصحاب المذاهب “الحنفية، والحنبلية، والشافعية” إلى تحريم أكل التمساح في الإسلام، مؤكدين على أنه لا يجوز شرعاً أكل لحمه، وقد استدل هؤلاء في رأيهم هذا على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يحرم فيه أكل السباع وكل ما له ناب، وعليه؟ فإن التمساح من الحيوانات الضارية التي يوجد لها ناب تعتمد عليه في جلب الطعام لنفسها من خلال الصيد والمداهمة للحيوانات الأخرى.
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السبع». رواه مسلم (1932).
- رأي المذهب المالكي: أباح المالكية أكل التمساح في الإسلام، حيث قالوا أنه يجوز شرعاً أكل لحم التمساح لأنه من الحيوانات التي تنتمي إلى الماء، وقد ورد في كلِِ من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؟ ما يبيح أكل كل ما ينتمي إلى الماء, كما جاء في قوله تعالى:
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ…). [المائدة: 96].
هذا بالإضافة إلى الحديث النبوي الصحيح، الذي جاء نصه كالتالي:
قول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : «هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته». رواه الترمذي (69) والنسائي (332) وأبو داود (83) وابن ماجه (386) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
حكم أكل التمساح ابن عثيمين
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، أن الآية الكريمة، التي يقول فيها المولى -عز وجل-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ...)، تفيد بأن كل حيوان يعيش في البحر حلال حيه وميته حيث فسر ابن العباس -رضي الله عنهما-، الآية الكريمة، بأن قال: «صيد البحر : ما أخذ حيّاًَ ، وطعامه : ما وُجد ميتاً»، وهذه الآية تشمل كل حيوان يعيش في الماء فقط، ومنهم التمساح حتى وإن استثناه البعض، وجعل أكله حرام لِوجود ناب له.
وحرص الشيخ -رحمه الله- على الرد على مَن حرموا أكل التمساح بسبب أن له ناب، قائلاً أن: على الرغم من أن التمساح له ناب إلا أنه ليس من السباع، وليس ما يتم تحريمه في البر، يتم تحريمه في البحر، لأن له الحكم الخاص به، والدليل على ذلك؟ الآية الكريمة التي حللت أكل البحر حيه وميته، على الرغم من أن الميتة في البر محرمة شرعاً.
كما قال ابن باز: أنه إن كانت الأحكام على الحيوانات البرية تنطبق على الأحكام للحيوانات البحرية، وكل ما له ناب محرم. فإن هناك بعض الأسماك المعروف عنها أنها يوجد لها ناب، وشرسه وتستخدم هذا الناب في الصيد لها، ومع ذلك محلل أكلها! مثل: سمك القرش, كما توجد بعض الحيوانات البحرية التي يتم قتلها، ومع ذلك تؤكل، وهذا محرم في الحيوانات البرية.
وعليه؛ فإن حكم أكل التمساح ابن عثيمين، يتفق مع حكم المالكية! بأنه لا يستثنى من الحيوانات البحرية، ويجوز أكل التمساح في الإسلام. هذا ويمكنكم التعرف على رأي الشيخ ابن عثيمين كاملاً، من خلال الرجوع إلى هذه المقالة.
حكم أكل التمساح الفوزان
لم يتفق حكم أكل التمساح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في السعودية مع؟ رأي الشيخ ابن عثيمين أو أصحاب المذهب المالكي. بل أن رأيه ذهب مع جمهور الفقهاء الذين أفتوا بتحريم أكل لحم التمساح. حيث قال الشيخ صالح بن فوزان: أن الذين قالوا بإباحة أكل لحم التمساح استناداً على الآية الكريمة (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ...)، وكلمة الصيد هنا المقصود منها؟ كل ما يعيش في الماء ولا يعيش إلا فيه.
وهذا الأمر لا ينطبق على التمساح؟ لأنه من الحيوانات البرمائية، التي يمكن أن تعيش في الماء والبر معاً فيغلب عليها جانب الحضر. لذلك قال الشيخ فوزان: أنه يحرم أكل لحم التمساح في الشريعة الإسلامية، ليس لِكونه من الحيوانات ذات ناب إنما لأنه من الحيوانات البرمائية. أما جميع الحيوانات البحرية سواء كان لها ناب أو غير ذلك؛ فإنها حلال شرعاً دون استثناء, كما توضح الآية الكريمة.
حكم أكل التمساح هيئة كبار العلماء
استعرضت هيئة كبار العلماء السؤال عن حكم أكل التمساح في الإسلام، وأوضحت أن؟ العلماء قد اختلفوا في الحكم الشرعي حول هذه المسألة؟، حيث ذهب جمهور الفقهاء، وهم الحنفية والحنابلة والشافعية إلى التحريم بينما المالكية ومعهم الشيخ ابن عثيمين أباحوا أكل لحم التمساح. أما أصحاب الرأي الأول، فقد استدلوا على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي يحرم فيه أكل السباع وكل ذي ناب.
بينما الرأي الثاني أباح أكل التمساح، لأنه من الحيوانات التي تعيش في الماء، التي أباحها المولى -عز وجل- كاملة حيها وميتها في القرآن الكريمة. إلا أن الهيئة قد رجحت القول الأول، حيث جاء حكم أكل التمساح هيئة كبار العلماء، بأنه يحرم أكل التمساح شرعاً، وفسر العلماء في الهيئة رأيهم هذا على أمرين، هما:
- خطأ الرأي الذي يقول بأن التمساح حيوان بحري؟! لأنه من الحيوانات البرمائية وليست المائية أي أنه يمكن أن يعيش على البر فترة طويلة بِجانب حياته في الماء. لذلك لا تنطبق عليه الآية الكريمة التي تفيد بحليل عموم كل ما يوجد في البحر.
- أنه حيوان مفترس ذات ناب, كما أنه مستخبث عند الكثير من الناس. لذلك ينطبق عليه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. الذي قال بتحريم أكل السباع وكل حيوان له ناب ولا يستثنى منه. خاصةً أن التمساح معروف عنه أنه من الحيوانات المفترسة التي تعتمد على؟ شراستها وقوة نابيها في مهاجمة الفريسة التي تأكلها سواء كانت الفريسة بحرية أو برية.
حكم أكل البرمائيات في الإسلام
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عن حكم أكل البرمائيات في الإسلام؟ أن ابن العربي -رحمه الله-، قد قال: أن الحكم الصحيح فيما يخص الحيوانات التي تعيش في كلِِ من البحر والماء معاً “الحيوانات البرمائية”؟ هو المنع والتحريم.
وأوضح ابن العربي في قوله هذا، أن مثل هذه النوعية من الحيوانات؟ يتواجد فيها دليلان متعارضان: أحدهما يفيد بتحليل كل ما ينتمي إلى البحر، والآخر يفيد بتحريم كل ذي ناب في البر، وفي مثل هذه الحالات التي يتواجد فيها دلائل متعارضة؛ فإن دليل التحريم هو الذي يتم الأخذ به؟! احتياطاً.
حكم أكل البرمائيات عند المالكية والحنابلة
على الرغم من أن رأي القرطبي -رحمه الله-، يفيد بِتحريم أكل البرمائيات في الإسلام. إلا أن الخلاف في هذه المسألة قد وجد أيضاً حيث حرم البعض أكلها مثل القرطبي. بينما البعض الآخر قد أباح أكلها مثل المالكية والحنابلة إلا أنهم وضعوا بعض الشروط من أجل أكلها دون حرج, كما سوف نوضح فيما يلي:
- المذهب المالكي: قالوا: أنه في حالة كان الحيوان يعيش في البحر والبر معاً؛ فإنه يجوز أكله. إلا أنه يشترط أن يذكي “بمعنى يذبح”. أي يعامل معاملة الحيوانات البرية وليست البحرية،ولم يستثنوا من حكمهم هذا أي حيوان بر مائي. إلا أنهم قالوا: أنها تكون طاهرة مثل صيد البحر, كما أخبرنا أشرف الخلق -صلوات الله عليه وتسليمه، في الحديث الشريف, كما أضاف أصحاب هذا المذهب؟ أن الحيوان البرمائي، في حالة كان يعيش مدة أطول في البر عن البحر؛ فإنه في هذه الحالة يكون طاهر أيضاً ويجوز أكله.
- المذهب الحنبلي: اتفق أصحاب هذا المذهب مع المذهب المالكي؟ في أنه يجوز أكل البرمائيات في الإسلام إلا أنه يشترط أن تذبح، وأن تعامل معاملة الحيوانات البرية. إلا أن الحنابلة، قد استثنوا من حكمهم هذا التمساح؟! لأنه من الحيوانات ذات الناب التي تعتمد في قوتها عليه.
حكم أكل السلحفاة في الإسلام
لم يتواجد خلاف بين العلماء فيما يخص حكم أكل السلحفاة في الإسلام عى عكس حكم أكل التمساح. إلا أنه بسبب تواجد نوعين من السلاحف، أحدهما بحرية وأخرى برية أو البرمائية؛ فإنه تم تقسيم رأيهم إلى قولين، هما كالتالي:
- السلحفاة البحرية: يجوز أكلها شرعاً، لأنها من الحيوانات البحرية، التي أباح الخالق -سبحانه وتعالى-، أكلها في العموم؟! حيها وميتها، في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ…). هذا بِجانب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته»، وقيل عن طريق أكلها؟ أنه من الأحوظ ن يتم ذبحها منعاً للخلاف.
- السلحفاة البرية أو البرمائية: تجوز شرعاً أيضاً. إلا أنه يشترط أن تذكي “تذبح”، وإن لم يتم ذبحها، وتم قتلها أو صيدها؛ فإنه لا يجوز شرعاً أكلها وتصبح محرمة. ونجد أن ابن قدامة -رحمه الله-، قد تحدث عن أكل السلحفاة البرية، قائلاً: “كل ما يعيش في البر من دواب لا يحل بغير ذكاة، كطير الماء، والسلحفاة..”، وينطبق هذا الحكم أيضاً على السلحفاة البرمائية.
هل يجوز أكل الضفدع
على الرغم من أن الضفادع من الحيوانات البرمائية. إلا أن الحكم الخاص بأكلها في الشريعة الإسلامية مختلف عن الحكم الخاص بأكل البرمائيات في الإسلام! حيث جاءت الإجابة على سؤال هل يجوز أكل الضفدع؟ واحدة من جميع العلماء دون وجود خلاف بينهم! نتيجة لِوجود نص صريح في السنة النبوية الشريفة، يحرم قتل الضفدع.
رُوي أن: «أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها». رواه أبو داود ( 3871 ) ، وصححه الألباني في “صحيح أبي داود “
روى البيهقي عن سهل بن سعد الساعدي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن قتل خمسة: (النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد)».
وعليه فإن النص المقرر في الشريعة الإسلامية؟ يقول: أن كل ما نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن قتله يحرم قتله! لأن من طرق تحريم أكل الحيوانات ما ينهى -صلى الله عليه وسلم- عن قتله أو أمر بقتله، وبالتالي: فإنه يحرم أكل الضفدع في الإسلام.
ختاماً؛ يجب أن يعلم كل مسلم، أن الإسلام عندما يحرم أكل شيء؟ فإنه في هذه الحالة يحرمه لمصلحة الإسلام، لأن ما يتم تحريمه يكون ضاراً عليه، وهذا ما أثبته العلم على مدار السنوات المختلفة، والدليل على ذلك؟ قول أشرف الخلق أجمعين “سيدنا محمد بن عبدالله” -صلوات الله عليه وتسليمه-: «لا ضرر ولا ضرار». لذلك فإن حكم أكل التمساح في الإسلام سواء كان حلالاً أو حراماً؛ فإنه في مصلحة الإنسان أولاً.