حكم من أفطر في رمضان ناسيًا

حكم من أفطر في رمضان ناسيًا

حكم من أفطر في رمضان ناسيًا الصيام أحد العبادات التي كتبها الله -سبحانه وتعالى- على عباده المسلمين، والتي تدخل ضمن الأركان الخمس للإسلام، وتصبح فرضاً على كل مسلم بالغ ومسلمة عندما يأتي شهر رمضان الكريم.

لهذا نجد كثير من القضايا التي تخص هذه العبادة الهامة، والتي يجب أن يكون الجميع على دراية تامة بها؟ لأنها تتعلق بمدى صحة عبادته وعلاقته مع ربه، ومن القضايا الهامة التي تخص الصيام؟ هي حكم من أفطر في رمضان ناسيًا، خاصةً أن عبادة الصوم فيه فرضاً دوناً عن باقي شهور العام.

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). [البقرة: 185).

حكم من أفطر في رمضان

لا يوجد خلاف في حكم من أفطر في رمضان ناسياً، وهو لا يوجد بأس في ذلك، وصيامه صحيح، وليس عليه أثم أو قضاء، بل أنه يكمل باقي صومه دون وجود ما يمنع ذلك، وقد ورد الدليل على ذلك في كلِِ من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لذلك من الطبيعي أن يتفق جمهور العلماء على حكم الإفطار دون عمد, كما جاء في الذكر الحكيم، قوله تعالى:

(رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا .. ). [البقرة: 286].

  • وقيل في هذه الآية، أنه صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه دعا بها، وأن الله -سبحانه وتعالى-، رد قائلاً: (قد فعلت).

حكم من أفطر ناسيًا

بالإضافة إلى ذلك؛ فقد اعتمد علماء الدين على الآية رقم 255 من سورة البقرة؟ من أجل القياس على حكم من أفطر في رمضان ناسيًا من القرآن، والتي يقول فيها المولى -عز وجل-:

(…وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).

  • وفسر علماء الدين هذه الآية، قائلين أن: (النسيان ليس من عمد القلب)، وبالتالي وبالقياس على ذلك؟ يكون إبطال الصيام بالأكل أو الشرب العمد لا بالنسيان.

حكم من أفطر ناسيًا

حكم من أفطر في رمضان ناسيًا من السنة

يمكن التعرف على حكم من أفطر في رمضان ناسيًا من السنة النبوية الشريفة أيضاً، مثلما تعرفنا عليها من القرآن الكريم. بل السنة النبوية تتميز في هذه المسألة عن القرآن؟

أنها أشارت إلى الحكم بصورة مباشرة دون الحاجة إلى القياس, كما فعل العلماء في الآيات السابق ذكرها، حيث صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مجموعة من الأحاديث النبوية الصحيحة، التي وضحت أنه لا يوجد أثم على من أفطر في رمضان ناسيًا، وأنه ليس عليه قضاء عقب انتهاء الشهر.

 عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه». روى البخاري (6669) ومسلم (1155). في رواية أخرى: «من أكل ناسيا، وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه».

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «من أفطر في شهر رمضان ناسيا.. فلا قضاء عليه ولا كفارة». حسنه الألباني في صحيح ابن خزيمة (1999).

وعن أبي سعيد -رضي الله عنه-،  عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :«من أكل في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه». روى الدارقطني. وقال الحافظ: إسناده ضعيف، لكنه يصلح للمتابعة.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «إذا أكل الصائم ناسيا، أو شرب ناسيا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه». تخريج الدارقطني (2242).

من أفطر في رمضان ناسيًا

كما ورد في أحد الأحاديث الصحيحة أيضاً حكم النسيان، وأن الله لا يجازى عليه، وهذا شامل كل العبادات، والتي منها الصيام.

عن عبدالله بن العباس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». حدثه الألباني، في صحيح الجامع (1836).

من أفطر في رمضان ناسيًا

من أفطر في رمضان ناسياً عند المذاهب الأربعة

وجد خلاف بين بعض العلماء؟! فيما يخص حكم من أفطر ناسيًا في رمضان، ولكن الخلاف بينهم وقع على؟ ما إن كان مَن يفعل ذلك عليه قضاء أم لا؟ ولكن لا يوجد خلاف في ما إن كان الإنسان آثم أم لا؟

لأنه الحكم متفق عليه هنا، وهو عدم وجود إثم على مَن أفطر ناسيًا. هذا وقد وقع هذا الخلاف بين أصحاب المذاهب الأربعة؟! بسبب الإعتماد على أحد أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ! والذي ثبت عند البعض ولم يثبت عند البعض الآخر هما، وجاء الأقوال كالتالي:

  • لا يوجد قضاء على من أفطر في رمضان ناسيًا: هذا هو الرأي الغالب بين جمهور العلماء، وذهب إليه أصحاب المذاهب الثلاث: (الحنفي، الشافعي، الحنبلي)، واعتمد هؤلاء في رأيهم هذا على؟ حديثان عن النبي -عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم-، هما:

«من أكل ناسيا، وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه». رواه أبو هريرة.

«إذا أكل الصائم ناسيا، أو شرب ناسيا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه». في سنن الدارقطني.

  • يوجد قضاء على من أفطر في رمضان ناسيًا: هذا الرأي قد تفرد به أصحاب المذهب المالكي.

من أكل وشرب نسياً

حكم من أفطر في رمضان ناسيًا عند المالكية

اختلف حكم من أفطر في رمضان ناسيًا عند المالكية عن باقي المذاهب وآراء العلماء، وقال أصحاب هذا المذهب: أن من أفطر ناسيًا في رمضان، ليس عليه أثم، ولكنه عليه قضاء، واحتجوا في رأيهم هذا على الحديثين اللذين احتج عليهما أصحاب المذاهب الثلاثة الأخرى، ولكن بتفسير آخر, كما سوف نوضح فيما يلي:

  • حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «من أكل ناسيا، وهو صائم…»: قال المالكية عن هذا الموضوع؟ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرض في هذا الحديث إلى القضاء. بل أنه أمر من يفطر ناسيًا سواء أكل أو شرب أن يكمل يومه وصومه.
  • الحديث في سنن الدارقطني: « … ولا قضاء عليه»: قالوا عنه حديث ضعيف، ولا يؤخذ به.

من أكل وشرب نسياً

كما أحتج المالكية في رأيهم أن من أفطر في رمضان ناسيًا لا يكون آثماً، ولكنه يقضي على بعض القواعد العامة المتواجدة في الشريعة الإسلامية، وهي كالتالي:

  • القاعدة الأولى: أن لكل عبادة قد وصفها الخالق -سبحانه وتعالى- بعدة شروط وأركان، وبدونها لا تصح هذه العبادة. مثلها مثل: الصلاة؛ فإنها لا تصح بدون الوضوء أو طهارة, كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

«لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط».

وبالقياس على هذا الحديث؟ فإن القاعدة الأساسية في الصيام هي: الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة، وعندما يأكل الإنسان ويشرب حتى وإن كان ناسياً. فإن الركن الأساسي  وهو الإمساك لهذه العبادة قد اختل، وبالتالي لا تكون هذه العبادة مقبولة ولا يجزئ عن صاحبه.

  • القاعدة الثانية: النسيان لا يجازى عليه العبد, كما أخبرنا الحبيب المصطفى -صلوات الله عليه وتسليمه-، في الحديث النبوي الصحيح:

 «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

وعليه وبالقياس على هذا الحديث؛ فإن من يأكل أو يشرب في رمضان ناسياً لا يوجد عليه إثم أو ذنب.

من أكل وشرب نسياً

ما حكم من أكل ناسيًا في غير رمضان

قال جمهور العلماء عند الإجابة على سؤال “ما حكم من أكل ناسيًا في غير رمضان؟”، أن الحكم لا يختلف عن الأكل ناسياً في رمضان، وهو صيامه صحيح، ويكمل صومه دون أن يفطر.

 أما عن الرأي الذي أفتى به البعض بعدم صحة صوم من أكل في غير رمضان، وأن عليه الإفطار في باقي اليوم. فإن الشيخ ابن باز -رحمه الله-، قد أكد على خطأ هذه الفتوى، وأن النسيان لا يحاسب عليه العبد سواء كان في فرض أو نافلة، ويطبق ذلك على الصيام.

من أكل ناسيًا في غير رمضان

حكم من شرب ناسياً في صيام القضاء

لا يوجد خلاف بين العلماء فيما يخص الأكل أو الشرب دون عمد أثناء الصيام، وأن صيام المرء في هذه الحالة يكون صحيح، ويكمل يومه.

لذلك فإن حكم من شرب ناسياً في صيام القضاء، أن صيامه صحيح، حيث وضح أهل العلم أن أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، التي تحدث عن صحة صيام من أكل أو شرب ناسياً لم يحدد فيها صيام الفرض وصيام التطوع. بل أنها شملت عبادة الصيام دون تحديد لها.

حكم من جامع  في رمضان ناسيًا

على الرغم من صعوبة حدوث الجماع سهواً دون عمد أثناء الصيام. إلا أنه غير مستحيل لأن كل إنسان معرض للنسيان . لذلك قال علماء الدين أن حكم من جامع في رمضان ناسيًا.

يتفق مع حكم من أفطر في رمضان ناسيًا، وهو: أن الصيام صحيح، ويكمل الإنسان صومه دون أن يكون عليه إثم أو قضاء، وأعتمد أصحاب هذا الرأي على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، الذي يقول:

«من أفطر في شهر رمضان ناسيا.. فلا قضاء عليه ولا كفارة».

وقال العلماء أن نبي الهدى -صلوات الله عليه وتسليمه-، قد ذكر في هذا الحديث القضاء والكفارة، ومعروف في الشريعة الإسلامية؟ أن الكفارة في الصيام لا تكون إلا لمن جامع في نهار رمضان.

ويمكنكم التعرف على هذا الحكم بالتفصيل أكثر من هنا. أما القضاء فهو لكل مفسدات الصيام الأخرى، وهي: (الاستمناء، الأكل والشرب، ما يعني الأكل والشرب، القيء عمدا، إخراج الدم بالحجامة، نزول دم الحيض والنفاس)، وعليه فإن الجماع سهواً في أثناء الصيام لا يفسده.

 

في الختام؛ في حالة كان لدى أي من قرَّاء هذا التقرير أي سؤال آخر يخص هذه المسألة، وحكم من أفطر في رمضان ناسيًا؟ يمكنه أن يترك سؤاله في التعليقات حتى نوضحه له بالتفصيل.

إغلاق